اسم الکتاب : محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء المؤلف : الراغب الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 234
وقيل: لا تتقرّب الرعية إلى الأئمّة بمثل الطاعة، ولا العبد إلى المولى بمثل الخدمة، ولا البطانة بمثل حسن الاستماع. وقال الحجاج: والله إن طاعتي أوجب من طاعة الله تعالى، لأن الله تعالى يقول: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ
«1» وجعل فيه مثوبة «2» وطاعتي لا مثوبة فيها، وقيل: سعادة الرعية في طاعتهم لملكهم:
ورفع عمر بن الخطاب رضي الله عنه الدرة على سعيد بن عامر فقال: لا يسبق سيلك مطرك، لو أمرت قبلنا، وإن عاتبت أعتبنا، وإن عاقبت «3» صبرنا، وإن غفرت شكرنا. فقال: ما على المسلمين أكثر من هذا وأمسك عنه.
وجوب ملاينة السلطان ومداراته
قال الله تعالى لموسى وهارون عليهما السلام: فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى
«4» وقال تعالى: وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ
«5» وتعلّق رجل بالرشيد وهو يطوف بالبيت فقال: أني أريد أن أكلّمك بكلام فيه بعض الغلظة «6» فقال: لا ولا نعمي إن الله بعث من هو خير منك إلى من كان شرا مني. فقال: فقولا له قولا ليّنا، وقال الأحنف «7» : السلطان من تأبى عليه إذ رآه ومن لان له تخطّاه، وقيل: لتكن مداراتك للسلطان مداراة المرأة القبيحة للزوج المبغض لها فإنها لا تدع التصنّع له في كلّ حال، وقال أبو حنيفة رضي الله عنه: إذا بليت بالسلطان فخرّق دينك بالملقى والروغان «8» ورقّعه بالكفارات والاستغفار.
الحثّ على مصابرة السلطان عادلا كان أو جائرا
قال ابن مسعود رضي الله عنه: إذا كان الإمام عادلا فله الأجر وإذا كان جائرا فله الوزر «9» ، وعليك الصبر. وجوب تعظيمه ومدح فاعل ذلك
قال ابن عباس «10» رضي الله عنه: السلطان عزّ الله في الأرض فمن استخفّ به نابته نائبة فلا يلومنّ إلا نفسه. وقيل: إذا جعلك السلطان أبا فاجعله ربا. وقيل: إياك ورفع الصوت على السلطان، فمن رفع الصوت عليه فقد خلعه. قال الله تعالى: لا تَرْفَعُوا
اسم الکتاب : محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء المؤلف : الراغب الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 234