اسم الکتاب : محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء المؤلف : الراغب الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 225
فقال بعضهم: فقر في سفر، وقال بعضهم: مرض في غربة. فقال: أشدّ من ذلك عزل مع نكبة.
وكان ليوسف ابن عمر جارية حظيّة، وكانت على رأسه، فأتاه كتاب فلمّا قرأه تغيّر لونه، فقالت: أيها الأمير هذا كتاب عزل. قال كيف دريت؟ قالت: لتغيّر في وجهك قلما عهدته. وقد كان يعزل عنها خوف الحبل، فقالت: كيف أجزت العزل لي وهذا طعمه؟ فقال: إذا لا أعاود ذلك.
من لم يبال بالعزل
قال زياد: إن الأحنف قد بلغ من الشرف ما لا تنفع معه الولاية ولا يضرّه العزل، وقال أحمد بن طاهر:
ما وضع العزل منك قدرا ... ولا تعالى عليك وفرا
وقال ابن طباطبا:
لقد سرّني أن الصيانة وفّرت ... عليك بعزل كان فيه رضاكا تسلية معزول
أراد الرشيد أن يعزل الفضل بن يحيى عن خاتمه ويصيّره إلى أخيه جعفر، فكتب إليه: قد رأى أمير المؤمنين أن ينقل خاتمه من يمينك إلى شمالك، فأجابه الفضل: ما انتقلت عنّي نعمة صارت إليك، ولا خصصت بهادوني.
قال ابن المفجع:
لم يعزلوا الأعمال عنه وإنّما ... عزلوا العفاف به عن الأعمال
وقال أبو تمام:
وما كنت إلا السيف جرّد للوغا ... فأحمد فيه ثم صار إلى الغمد «1»
ونحوه، ما كتب به بعضهم: ما عزلت عن الديوان ولكن عزل عنك. فأنت المهنأ وهو المعزّى. وقد كنت محتاجا إلى العزل ليعرف الجور من العدل. قال: وإن العزل غاية كل وال. قال أبو هفان:
لأنت في العزل على غضّه ... أنبل من غيرك في الأمر
وقال آخر:
وكلّ نار لها اتّقاد ... لا بدّ يوما لها خمود «2»
اسم الکتاب : محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء المؤلف : الراغب الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 225