اسم الکتاب : محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء المؤلف : الراغب الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 213
وقال معاوية الناس أعطونا سلطانا وأعطيناهم أمانا، وأظهروا لنا طاعة تحت حقد، وأظهرنا لهم حلما تحت غضب.
قال الشاعر:
لقد أحلك من يعصيك ظاهره ... وقد أطاعك من يعصيك مستترا حثّ الوالي على اكتساب مودّة الرعيّة
كتب أرسطوطاليس إلى الإسكندر: أملك الرعية بالإحسان إليها تظفر بالمحبة منها.
فإنّ طلبك ذلك باحسانك أدوم بقاء منه باعتسافك «1» ، واعلم أنك إنما تملك الأبدان فتخطّها إلى القلوب بالإحسان، واعلم أن الرعية إذا قدرت أن تقول، قدرت أن تفعل.
فأحسن قولها تأمن فعلها. وقال علي بن عبد الله بن عباس: تطلب محبة الرعية فطاعة المحبة أفضل من طاعة الهيبة.
السّياسة بالعمارة
كان يقال أسوس من «2» زياد. قيل إنه ركب يوما بالسوس فرأى عمارة حسنة فخاف أهلها أن يزيد في خراجها، فالتفت إليهم وقال بارك الله عليكم فقد وضعت عنكم مائة ألف لما رأيت من عمارة بلدكم.
قال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه لله درّ زياد، سعى أهل العراق سعي الأم البرّة، وجمع منهم المال جمع الذرة فاغناهم وحباهم بحسن التدبير.
وقيل: من طمع في وفور الارتفاع بغير العدل فهو يهزأ بنفسه.
ذمّ جامع للمال تارك للعمارة
حول عامل لأنوشروان من الأهواز «3» فضل ثمانين درهم على الغبرة القائمة، فسأله أنوشروان عن ذلك فقال: وجدت في أيدي قوم فضولا فاخذتها منهم. فقال: ردّ هذا المال لمن أخذته منهم، فإن مثلنا في ذلك إن أخذناه كمثل من طيّن سطحه بتراب أساس بيته، فيوشك أن يكون ضعف الأساس وثقل السطح مسرعين في خراب بيته.
ولما عزل عثمان رضي الله عنه عمرو بن العاص عن مصر، وولّى عبد الله بن أبي سرح، دخل عليه عمرو، فقال له عثمان: أشعرت أن اللقاح بعدك درّت ألبانها؟ فقال: نعم ولكنّكم أعجفتم «4» أولادها.
اسم الکتاب : محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء المؤلف : الراغب الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 213