اسم الکتاب : محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء المؤلف : الراغب الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 181
ونظر رجل إلى معاوية وكان صغيرا فقال: إنّي أظن هذا الغلام سيسود قومه. فقالت هند: ثكلته أمّه إن كان لا يسود إلا قومه. ورأى رجل ابن السكّيت وهو صغير يسأل فيجيب، فقال: إن هذا الغلام ينال خيرا وقد تقدم في الحزم والتعلم مثل هذا.
كلمات من الرّطانة «1»
بعث امرؤ القيس إلى امرأة تزوج بها بثلاثين شاة وزقّ خمر، فذبح الغلام في الطريق شاة وأكلها وشرب بعض الزقّ فلما أوصلها، قالت له: قل لزوجي إذا أتيته سحيما كان قدر، ثم وإن رسولك جاءنا في المحاق. فلما أتاه الرسول وأخبره، قال: يا عدوّ الله أكلت شاة وشربت من رأس الزقّ فاعترف بذلك.
وأسر بنو ساسان رجلا من بني العنبر، فقال: دعوني أرسل إلى قومي ليفدوني.
فقالوا: على أن لا تكلم الرسول إلا بحضرتنا. فقال: نعم. وقال للرسول: قل لهم إنّ الشجر قد أورق وإن النّساء قد اشتكت. ثم قال له: أتعقل؟ قال: نعم. فقال: ما هذا الوقت؟ قال: الليل. قال: قل لهم عروا جملي الأصهب واركبوا ناقتي الحمراء، واسألوا حارثا عن أمري. وكان الحارث صديقا له.
فذهب الرسول إليهم فدعوا حارثا فسألوه. فقال: قوله الشجر قد أورق، أي تسلّح القوم، واشتكت النساء: أي اتخذت القرب للماء. وقوله: ما هذا الوقت؟ فقال الليل فإنه يقول أتاكم جيش كالليل وقوله عروا جملي الأصهب، أي ارتحلوا عن الصماء واركبوا ناقتي الحمراء أي انزلوا الدهناء. فرحلوا من ساعتهم فصبّحهم القوم فلم يجدوا أحدا وكان العطاردي، لما رجع إلى قومه رمى إليهم بصرّتين في إحداهما شوك وفي الأخرى تراب، فقال قيس بن زهير هذا رجل مأخوذ عليه بالحلف وهو ينذركم عدوا وشوكا. قال الله تعالى: وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ
«2» .
وأسرت طيء غلاما من العرب فقدم أبوه ليفديه فاشتطوا عليه. فقال أبوه عنده: لا والذي جعل الفرقدين يصبحان ويمسيان على جبلي طيىء، ما عندي غير ما عرفتكم، ثم انصرف. وقال: لقد أعطيته كلاما إن كان فيه خير فهمه، كأنه قال الزم الفرقدين على جبلي طيىء ففهم الابن كلامه. فطرد إبلا من إبلهم ليلته، ونجا بها.
وكان داريوس ملك فارس، لما سمع بخروج ذي القرنين «3» بعث إليه بدرّة وكرة ياقوتة وجراب سمسم وتابوت مملوء من الذهب. وكتب إليه: إنما بعثت بهذا لا جرب عقلك، فقال له الإسكندر: قد عرفت لماذا بعثت. أما الدرّة فتزعم أنك سوط تشير علي.
وقلت يجتمع لي ملكك اجتماع هذه الكرة في يدي. وذكرت أن لك في أمري ضياء كضياء
اسم الکتاب : محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء المؤلف : الراغب الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 181