اسم الکتاب : محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء المؤلف : الراغب الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 170
قال ابن المبارك: قلت لسفيان: من الناس؟ قال: العلماء. قلت: فمن الملوك؟ قال الزهّاد. قلت: فمن الغوغاء؟ قال: القصّاص. الحثّ على الأمر بالمعروف
قال الله تعالى: وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ
«1» .
وقال أبو بكر (رضي الله عنه) : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يده عمهّم الله بعقابه.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: من رأى منكرا فاستطاع أن يغيّره بيده، فليفعل. فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان. وقال خالد بن عبد الله في كلام له: حق على المسلمين التواضع والتناهي عن المعاصي.
الموضع الذي يجوز فيه ترك الأمر بالمعروف
قال الله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ
«2» .
وقال أبو أمية الشعباني: سألت أبا ثعلبة الخشني عنها، قال: سألت عنها جبيرا. قال سألت: رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ائتمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر، وإذا رأيت شحّا مطاعا وهوى متبعا وإعجاب كلّ امرىء برأيه فعليك بنفسك ودع أمر العوام.
وقال أكثر المتكلمين: لا يجوز ترك الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر في كلّ موضع، لكن من علم أو ظنّ أنه ينفذ قوله ولا يناله مكروه إذا قاله، أو فعله، فعليه أن يفعل ذلك، ومتى خاف على نفسه، فعليه أن ينكر المنكر بقلبه دون لسانه.
من هزأ بالناس من القصاص
كان عيّار يقصّ فأقبل جماعة من المرد، فقال: ها هو قد جاء العدوّ أمنوا، اللهم امنحنا أكتافهم وكبّهم على وجوههم وولّنا أدبارهم وأرنا عورتهم، وسلّط رماحنا عليهم.
والناس يؤمنون ولا يدرون. وكان قاص بالغداة يسخر بالناس ويشرب بالعشيّ فقيل له في ذلك، فقال: أنا بالغداة قاص وبالعشي ماصّ.
وكان قاصّ يقال له أبو شعيب يقول: ها أنا أبو شعيب قليل العيب، هاتوا ما في الجيب أخبركم بما في الغيب. وجاءه رجل فقال: ما المحبة؟ فقال: هاك سؤالك جاءني في جبّه بلحية كالمذبة ورأس مثل الدبة وعقل لا يساوي حبة يسألني عن المحبّة.
اسم الکتاب : محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء المؤلف : الراغب الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 170