اسم الکتاب : محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء المؤلف : الراغب الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 158
المعترف بالتزيّد والتكذيب
قال خالد بن صفوان: أني لا أسمع الحديث فلا أحدّث به، حتى أتوبله وأفلفله وأسعتره، وقال: أني لأسمع الحديث مجردا فأكسوه، وممرطا فأريشه. وقيل لحيّان: إنك لتكذب في الحديث. فقال: ما يضرّك كذبه ولا ينفعك صدقه، وما يدور إلا على لفظ جيّد ومعنى حسن. ولو أردته لتلجلج «1» لسانك وذهب بيانك.
المعتذر منه
قال بعضهم: ونصرة الحق أفضت بي إلى الكذب.
قال الشاعر:
وزعمت أني قد كذبتك مرّة ... بعض الحديث وما صدقتك أكثر
وفي المثل: عند النوى يكذبك الصادق.
المتأهب في الكذب
تشاجر رجلان في سواد، تراءى من سطح، فقال أحدهما: غراب. وقال الآخر:
خفّ. وحلف كل منهما على صدق ما قاله. فدنوا منه فطار، فقال صاحب الغراب: كيف ترى؟ فقال الآخر: امرأته طالق ثلاثا، إن كان إلا خفا ولو بلغ مكة طيرانا.
وقال بعضهم لابنه: إكذب على الأموات وباهت مع الأحياء. وقيل لإعرابي: بم غلبت؟ فقال: أبهت بالكذب وأستشهد الموتى. صعوبة سماع الكذب
قيل لبعض ندماء السلطان: ما حالكم معه؟ قال: نحن كما قال الله تعالى:
سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ
«2» . وكان رجل يكثر الكذب وله غلام يخالفه ويكذّبه، فقال له يوما: كنت في ضيعة لي في حصاد زرع، فرميت طيرا فوجدت في حوصلته رطبة، لم ينضج نصفها. فقال الغلام: استدع السوط ولا تهذ «3» متى يجتمع الحصاد والرطب يا أحمق.
ما يجوز أن يكذب المرء فيه
في كتاب جاويزان فروخ: محرم على السامع تكذيب القائل إلا في ثلاث: صبر الجاهل على مضض المصيبة، وعاقل أبغض من أحسن إليه، وحماة أحبّت كنّة.
اسم الکتاب : محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء المؤلف : الراغب الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 158