اسم الکتاب : محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء المؤلف : الراغب الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 151
لقد ضيّع دراهمه من يجود لشعر أبي الشمقمق. فقال: لا جرم أنّ العلم يعطيكم على قدر ما تعطونه، ولو استطعت أن أكتبه في سواد عيني أو سويداء قلبي لفعلت.
وقيل: إذا حويت الكتب فقد أحرزت الأدب والنّشب «1» ، وقال شاعر:
تحرّض على تجويد كتبك أنّها ... مناهل ورّاد الحجى والفوائد «2»
وقيل: إنفاق المال على كتب الأدب يخلفك عليه لباب الألباب. ذمّ من يجمع الكتب ولم يحفظها
قال محمّد بن بشر:
أما لو أعي كلّ ما أسمع ... وأحفظ من ذاك ما أجمع
ولم أستفد غير ما قد جمعت ... لقيل هو العالم المصقع
ولكنّ نفسي إلى كلّ شيء ... من العلم تسمعه تنزع «3»
فلا أنا أحفظ ما قد جمعت ... ولا أنا من جمعه أشبع
ومن يك في دهره هكذا ... يكن دهره القهقرى يرجع
مدح ملازمة الكتب
قال أبو عمرو: وما رأيت أحدا في يده دفتر، وصاحبه فارغ اليد، إلا اعتقدت أنه أعقل وأفضل من صاحبه.
وكان عبد الله بن عبد العزيز يلزم أبدا المقابر ومعه شيء من الدفاتر، فقيل له في ذلك، فقال: لم أر أوعظ من كتاب وأسلم من الإنفراد.
ونظر المأمون إلى بعض أولاده وفي يده كتاب فقال: ما هذا؟ قال بعض ما يشحذ الفطنة ويؤنس الوحشة، فقال: الحمد لله الذي جعل في أولادي من ينظر إليه بأدبه أكثر مما ينظر إليه بحسبه «4» .
أحوال إعارة الكتب واستعارتها
قال بعض الشعراء:
إنّي حلفت بربّ البيت والحرم ... هل فوقها حلفة ترجى لذي قسم
أن لا أعير كتابا فيه لي أرب ... إلا أخا ثقة عندي وذا كرم «5»
اسم الکتاب : محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء المؤلف : الراغب الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 151