اسم الکتاب : محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء المؤلف : الراغب الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 107
وسئل عوف بن أمية السكوتي عن نسج الشعر فقال: إن جددت كذبت، وإن هزلت أضحكت، فأنت بين كذب وإضحاك.
وقيل للبيد: لم لا تقول الشعر؟ فقال: في سورة البقرة وآل عمران شغل عن الشعر:
الكلب والشاعر في منزل ... فليت أنّي لم أكن شاعرا
هل هو إلا باسط كفّه ... يستطعم الوارد والصادرا
وقال: ما أجد آكلا للسحت «1» ، ولا أوضع ولا أطمع وأطبع، وأقلّ نفسا من شاعر متكسب بشعره.
وقال الحسن رضي الله عنه في الفرزدق «2» حين أوعده بالهجاء: هذا الذي جعل إحدى يديه سطحا والأخرى سلحا، فقال: إن أصلحتم سطحي وإلا رميتكم بسلحي. ولما حبس عمر بن الخطاب رضي الله عنه الحطيئة بسبب الزبرقان ثم عفا عنه، قال: إياك والشعر فأخرج لسانه وقال: ما لأولادي كاسب غيره «3» . قال عمر: فلا تهجهم. فقال: إن لم أهجهم لم يفرقوني «4» فلا يعطوني. قال: فاذهب فبئس الكسب كسبك.
تعظيم الشعر
مرّ الفرزدق بمؤدّب، وكان ينشد عليه صبيّ، قول الشاعر:
وجلا السيول عن الطلول كأنّها ... زبر تجدّ متونها أقلامها «5»
فنزل وسجد فقال المعلم: ما هذا؟ فقال هذه سجدة الأشعار نعرفها كما تعرفون سجدة القرآن.
ولما قدم أبو تمّام على الحسن بن رجاء، فأنشده قصيدته فيه حتى انتهى إلى قوله:
لا تنكري عطل الكريم من الغنى ... فالسيل حرب للمكان العالي «6»
قام قائما، وقال: والله ما سمعتها إلا وأنا قائم، لما تداخله من الأريحية فلما فرغ قال: ما أحسن ما جلوت هذه العروس. فقال أبو تمام: لو أنها من الحور العين لكان قيامك أوفى مهر لها.
اسم الکتاب : محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء المؤلف : الراغب الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 107