اسم الکتاب : محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء المؤلف : الراغب الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 102
لبعضهم: كيف رأيت فلانا في المناظرة؟ فقال: عييا غبيا، وقال ابن أبي الطاهر في المبرّد:
يفرّ من المناظر إن أتاه ... ويرمي من رماه من بعيد «1»
ونحوه، ما قيل: فلان إذا تباعد ضبح ضبوح الثعلب، وإذا حضر قبع قبوع القنفذ.
ذمّ المراء «2» في المناظرة
روي في الحديث من تعلّم العلم لأربعة دخل النار ليباهي به العلماء أو يماري به السفهاء، أو يأخذ به من الأمراء، أو يستميل به وجوه الناس إليه.
قال ابن عباس لمعاوية (رضي الله عنهما) : هل لك في مناظرتي في ما زعمت؟ قال:
وما تصنع بذلك؟ فأشغب بك وتشغب بي فيبقى في قلبك ما لا ينفعك ويبقى في قلبي ما يضرّك.
وقيل: الناس رجلان: عالم فلا تماره، وجاهل فلا تجاره.
وقال زيد بن جندب:
ما كان أغنى رجالا ضلّ سعيهم ... عن الجدال وأعناهم عن الشّغب
وقيل: إذا تشاجرت الخصوم طاشت الحلوم «3» ونسيت العلوم.
وقيل: من ترك المراء فهم وعلم. وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم: ما ضلّ قوم بعد إذ هداهم الله إلا بالجدل، وقال سفيان: ما ابتدع قوم إلا أعطوا الجدل.
الحثّ على السؤال على غير التعنت
قيل: إذا جالست عالما فسل تفقّها لا تعنّتا.
وقال مسهر: سألت مالكا عن شيء، فقال: لا تسألني عمّا لا تريد فتنسى ما تريد.
وقال النبيّ صلى الله عليه وسلم لرجل وقد أكثر من سؤاله تعنتا: اتركوني ما تركتكم. وقال عليه الصلاة والسلام: إن بني إسرائيل هلكوا بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم.
النّهي عن المناظرة ما أمكن
قال ابن المقفع: لا تعرضنّ عقلك على النّاس، فإذا اضطرك أمر فكن كصاحب الشطرنج، بيني أمره على القائمة فإن وجد ضربة غريبة انتهزها، وإيّاك أن تبتدىء في مجلس لم تسبر عقول أصحابه، فبين العقول بون بعيد.
اسم الکتاب : محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء المؤلف : الراغب الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 102