اسم الکتاب : مجاني الأدب في حدائق العرب المؤلف : لويس شيخو الجزء : 1 صفحة : 154
مرتفعاً وأنا متعلق بمخلبه فطار وعلا إلى الجو حتى ظننت أنه قد احتك بالسماء. ثم نكس رأسه وطلب الأرض فلم أحس بنفسي إلا وأنا على وجه الأرض. فحللت العمامة من مخالبه وإذا به ضرب على حية كأنها جمل وأخذها وطار. وبقيت أنا في وادٍ عميق لا يبلغ النظر إلى ارتفاعه ولا سبيل للنزول إليه ولا الصعود فقلت: إنا لله وإنا إليه راجعون. كل نائبة تأتيني أصعب من الأخرى. ثم إني تمشيت في ذلك الوادي وإذا أرضه جميعها من حجر الألماس. وهو من أفخر الجواهر الغالية الثمن. وفي ذلك الوادي حيات كل واحدة تبلع الفيل وهي كثيرة جداً. وتختفي بالنهار من هذا الطير الذي ذكرناه وتسعى بالليل. فبقيت متحيراً ذلك اليوم إلى أن أمسى المساء. ثم إنني عمدت إلى مغارة في كهف صغير ودخلت إليه وسددت بابه بحجر كبير وأخرجت ما بقي معي من الزاد في السفرة. فأكلت كفايتي وأنا أرتعد من الخوف. وإذا بالحيات خرجت تسعى بعضها كالأفيال وبعضها كالجمال. وعاينت ما هالني منها حتى طلع الفجر وقد اختفت الحيات. فخرجت أمشي في الوادي وأنا في حيرة عظيمة. وبينما أنا واقف في الوادي إذ وقع بجانبي شقة لحم طري. فالتفت وإذا بشقق كثيرة قد تساقطت من أعلى الجبال. فتذكرت ما أخبر به البحريون أنه وادي الألماس الذي يقصده التجار ويشرحون اللحم ويرمونه
اسم الکتاب : مجاني الأدب في حدائق العرب المؤلف : لويس شيخو الجزء : 1 صفحة : 154