اسم الکتاب : مجاني الأدب في حدائق العرب المؤلف : لويس شيخو الجزء : 1 صفحة : 110
وأوراقاً مكتوبة وعلقها في مكان وكبر عمامته وجلس على باب المكتب. فصار الناس ينظرون إلى عمامته وإلى الألواح والأوراق فيظنون أنه فقيه جيد فيأتون إليه بأولادهم. فصار يقول لهذا: اكتب. ولهذا: اقرأ. فصار الأولاد يعلم بعضهم بعضاً. فبينما هو ذات يوم جالس في باب المكتب على عادته وإذا بامرأة مقبلة من بعيد وبيدها مكتوب. فقال في باله: لا بد أن هذه المرأة تقصدني لأقرأ لها المكتوب الذي معها فكيف يكون عملي معها وأنا لا أعرف قراءة الخط. وهم بالنزول ليهرب منها. فلحقته قبل أن ينزل وقالت له: إلى أين. فقال لها: أريد أن أصلي الظهر وأعود. فقالت له: الظهر بعيد فاقرأ لي هذا الكتاب. فأخذه منها وجعل أعلاه أسفله وصار ينظر إليه ويهز عمامته تارة ويرقص حواجبه تارة أخرى ويظهر غيظاً. وكان زوج المرأة غائباً والكتاب مرسل إليها من عنده. فلما رأت الفقيه على تلك الحالة قالت في نفسها: لا شك أن زوجي مات وهذا الفقيه يستحي أن يقول لي أنه مات. فقالت له: يا سيدي إن كان مات فقل لي. فهز رأسه وسكت. فقالت له المرأة: هل أشق ثيابي. فقال لها: شقي. فقالت له: هل ألطم وجهي. فقال لها: الطمي. فأخذت الكتاب من يده وعادت إلى منزلها وصارت تبكي هي وأولادها. فسمع بعض جيرانها البكاء فسألوا عن حالها فقيل لهم: إنه جاءها
اسم الکتاب : مجاني الأدب في حدائق العرب المؤلف : لويس شيخو الجزء : 1 صفحة : 110