اسم الکتاب : لباب الآداب المؤلف : الثعالبي، أبو زيد الجزء : 1 صفحة : 78
الحث على الإتمام والإنعام وإعادة الإحسان
أولُ الإحسانِ مُرْتَهَن بآخره، وماضيه مَوْقوفٌ على غابره، لا يكاد الحمد يحصلُ بالفواتح إلاّ عند إحماد الخواتم، مولاي يسقي ما غرس، ويشيد ما أسَّسَ، ويتبع الفرسُ لجامَهُ، والبعير زمامَه، فَيَستَتم إنعامه، وهو أعلى همّةً وعيناً، من أن لا يرى الصنيعة دَيناً قريباً، ومولاي ينبت ما أنجم، ويسدي ما ألحم، مولاي يلبس المروءَة تمامها، ويتبع الناقةَ زمامَها، في ضمان مولاي الطلّ من إحسانه أن يصير وابلاً والهلال من إنعامه أن يكون بدراً كاملاً، ما الإنعام إلا بالتمام.
الهَز واستنجازُ الوعدِ والتلويح بالاستبطاء
أنا أَهُزّ مولاي هَز الحسام، وأستسقيه سُقيا الغمام، أنا أهزّهُ للجودِ كما يُهزُّ السيفُ وإن كان جوهرُه خالصاً، وحدُّه ناقصاً، أنا أهرُّ عطفَ كرمك، وأستمطر سحابَ شيمكَ، وعد الكريم، ألزمُ من دين الغريم، من وعَدَ وَعْداً، فقد عهِد عهداً، ومن أعطى من لسانه وثيقة، لزم شرائطها على الحقيقة، قضاءُ الدَّيْنِ غُنمٌ، ومَطْلُ الغني ظلمٌ، خيرُ البرِّ ما صَفا وضفا، وشره ما تأخرَ وتكدَّر، ربما كان التقاضي في التغاضي، كنت سألت مولاي حاجة فأجاب، ووعد الإيجاب، وقد حان ميقاتهٌ، وحضر سعادُه، إنما سألته، يوم أملته، واستمحتهُ حين مدحته، واقتضيته وقت أتيته، وانتجعت سحابَه، لما أتيت بابه. أنا ومولاي على ميعادٍ، ونحرُه لي بمرصادٍ، غيره من حَرَّرَ سنن المطاولة، وجرى على سنين المماطلة.
الانتظارُ والتّرقب
انتظارٌ شديدٌ، وطرفي حديد، أنا أكتحل السُّهاد لتطلعِهِ، وأفترش القَتاد مع توقُّعه، أنا أنتظر انتظار المعسر للميسر، والصائم للمفطر، والساهر لطلوع الفجر، والمجدِب لوقوع القَطْرِ، أنا أتوقعه توقع الظمآن للماء الزلال، والصَوَّام لهلال شوال، الأعين إليه ممدودة، والساعات عليه معدودة.
اسم الکتاب : لباب الآداب المؤلف : الثعالبي، أبو زيد الجزء : 1 صفحة : 78