اسم الکتاب : لباب الآداب المؤلف : الثعالبي، أبو زيد الجزء : 1 صفحة : 77
الشّكوى والاستغاثة
هذه لُمْعَةٌ من الشكوى، تنبىء عما أكابده من البلوى، ومن كان وراءه مثل عناية سَيّدنا فيدُ الظلم تقصِّر عنه، وصرف الدهر لا يتجاسَر عليه، قد التوى عليَّ أمري وثقل بما دفعت إليه ظهري، وحرمة سيدنا تضمن لي عند إقامة الأَود، وإزالة الخلل ما تُلمُ بي ملمة، إلا كان لمولاي بإزائها، يد تغل غربها وتكفُّ خَطْبَها، وتأسو كَلْمَها، وتجبر ثلْمها، تضاعف هذه المِحن، تقتضي مضاعفة تُطَوّقنيه من المِنن، لم يبق وقتٌ للانتظار، ولا موضع للاصطبار، ما أمسَّ الحاجة إلى عُجالة من معونتهِ، وطليعةٍ من مغوثته، إن مدّ الدهر إلى استضامَتي كفّاً باطنة باطشةً، بسطَ مولاي لقبضها يداً ناعشةً، أنا أتوقع من دَهْري العُتبى، وأُؤمل بجميل نظر الأمرِ لي حُسن العُقبى.
استبذالُ الجَاه
مولاي يبذل لي جاهَه، الذي هو فوق ماله، وَيَصونُ ماءَ وجهي، الذي هو فوق دَمي، أنا أستمطر سَحاب جاهكَ، وأستدرُّ حلوبة كَرَمِكَ، إنما هو لقطة من لقطاتك بل لحظةٌ من لحطاتِك، ينتظم بها مُرادي، معها أن ينادي، إن جدّدتَ لي من جاهي ما أخلق، حققتَ من أملي ما أخْفَق، بجاه مولاي أتمكن من إظهارِ ما نويت والاستظهار على ما ناويت، أنا من مولاي بين إنعام ضافٍ، وجاهٍ مُضافٍ، إن أعارني مولاي شعبةً من جاهه، وشَغَل بي ساعةً من أيامه، أعادَ إليّ ما نَضَب من ماء وجهي ورونقِ حاجتي لا يتجاوز فضل الجاه وزكاتَهُ.
طلبُ حاجَة يَسيرَةٍ
الصغير إذا احتيج إليه كبيرٌ، كما أن الكبير إذا استُغني عنه صغيرٌ، الصديق لا يصغر عن صغير صديقه، ولا يصغر عن كبيره، أنا أثق منك بالإسعاف، وإن قرنت المسألةَ بالإلحاف، فكيف لحاجةٍ وطأتها خفيفة عليك، ومنَّتُها ثقيلةٌ لك.
اسم الکتاب : لباب الآداب المؤلف : الثعالبي، أبو زيد الجزء : 1 صفحة : 77