اسم الکتاب : لباب الآداب المؤلف : الثعالبي، أبو زيد الجزء : 1 صفحة : 37
سريع، وقتل ذريع، وأسْر مُوبِق، ونَصْر موثق، انكشفت المعركة عن تفريقِ أعداءِ الله بين قتيل استأثر بهِ الحِمام، وأتى عليه الاصطلام، وجريح قَدْ عايَنَ طرقَ المَنيةِ، دون بلوغ الأمنية، ومنهزم لا يستبقيه الهَرَبُ، إلا بمقدار ما يَنالهُ الطلَب، تَقَسَّم الأعداءُ بين قتيل مُوَسَدٍ، وأسير مُصَفَدِ، وهارِبٍ مُطَرّدٍ، ومُسْتأمَن مُقيّدٍ، تقسَّموا بين قتيل مُرمَّلٍ، وجريحٍ مُجدّلٍ، وأسير مُكبَّل، لم يُرَ فيهم إلا أسيرٌ وكسير، وقتيلٌ عَفير، وجريح وقريح، ومُرْمل ومُرمّل، هم بين أسرى أوثقتهم القُيود، وقتلى زَهت عنهم اللحود، وجَرحى قد صافَحتْها المنايا الشُود، جريح مُرهَقٌ، وأسير موثَقٌ، قتيل مُطْرَح، وشريدٌ مُطوَّح.
طيرانُ المنهزمين بأجنحةٍ وسوءُ حالهم
استطاره الرُعْب فلم يلبث إلا فواقاً، ولم ينتظر رِقاقاً، بل طار بأجنحةٍ وَجِلَة، وطاحَ ببقيةِ أجله، ملكه الرُّعْبُ، فجاز في مَسْراهُ ولم يَعرف يُمناهُ من يُسراه، طاروا بأجنحةِ الرُّعبِ وَجِلَة، وطاحَ بقية أجَلهِ، مَلَكهُ الرعب لأنه ينشأ آباؤهم على أبنائهم، ولا يفق سراعهم لبطائهم، نكصوا على الأعقابِ، وطاروا نحواً في العقاب، وأجفلوا إجفال النَعام، وأقشعوا إقشاع الغَمام، " تشتتوا أَيدي سَبا " وتفرقوا جنوباً وَصبَا، لا يجدون في الخضراءَ مَصْعداً، ولا على الغبراءِ مَقعداً، لم تقلهم الأرض إلا راجفة، ولا طلعَتْ عليهم الشمسُ إلا كاسفةً.