استهانةُ الأعداء والاستحقار بهم
سَحابةُ صَيفٍ عن قليل تقشع، وعروقُ باطلٍ لا تمهل أن تَقطَعَ، لا يهولنكَ كثرتُهم فإنهم أزوادُ السباع، وأكال الضباع، ومشارع السيوف، ومراتع الحُتوفِ، ما هي إلا صيحةً واحدةَ، وزَجرةً راصِدَه، حتى تراهم كأن لم يَغنوا في ديارهم، ولم تسمع أخبارهم، ما هم إلا فرائس الحِمام، وأهداف السّهام، الحَتْف لهم بمرصادٍ والهلك لهم على مِيعادٍ.
فيمن يسعى بقدَمِهِ إلى مراقِ دمِه
فُلانٌ يمشي إلى حتفهِ بأخمصَيْه، ويبحثُ عن مُديتهِ بيديه، قد طار بجناحه إلى موضع اجتياحِه، تحقره إلى مَصْرعهِ الأضاليلُ، وتعجلهُ إلى مهلكه الأباطيل، استخفهم الحين المتاحُ، واستحثهم القَدرُ المحتاجُ، ساروا وآجالُهم تفسحُ لهم في مطامعهم، ومناياهم تحث مطاياهم إلى مصارعهم، قد نقلهم الله بأقدامهم إلى مصارع حمامهِم، قادَهم الله بخزائم أنوفهم إلى مصارع حُتوفهم.
انخذالُ الأعداء واستيلاءُ الرُعبِ عليهم
تمثل لهُمُ الوَجَلُ فمَلَكهم الأجلُ، واستطارَ بهم الوَهَل، فلن يطول بهم
اسم الکتاب : لباب الآداب المؤلف : الثعالبي، أبو زيد الجزء : 1 صفحة : 32