responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : في تاريخ الأدب الجاهلي المؤلف : الجندي، علي    الجزء : 1  صفحة : 332
يبدو أنه حدث بينهما ما لم يكن مرغوبًا فيه، فوجه إليه الحديث في غضب وثورة مهددًا ومتوعدًا، بدأه بنصحه في تهكم بالتريث؛ ليعرف حقيقة قوم الشاعر، ثم أخذ عمرو يعرض مفاخر قومه وأمجادهم وعزتهم وإباءهم وأسلافهم السابقين من ذوي الشهرة والحسب، ثم وجه الحديث إلى بني بكر خصوم قومه محذرًا، واستمر في فخره القبلي إلى آخر القصيدة.
وأما الحارث بن حلزة فقد بدأ بأن الحبيبة أعلمته بالارتحال، وأنها أصبحت بعيدة عنه، ولن يجديه البكاء شيئًا، فتسلى بناقته التي يسلى بها الهموم، ولكن يبدو أن همًّا ثقيلًا عنيفًا قد استحوذ عليه، فأثار حفيظته، فانطلق ينفس عن ثورته، فقد أسيء إلى قومه ظلمًا وعدوانًا، ووشى الوشاة ضدهم بالنميمة حقدًا وضغنًا، وأخذ يعرض أمجاد قومه، ثم انتقل إلى تحقير خصومهم، فسرد مخازيهم، وما حاق بهم من الهوان في تهكم وسخرية، ثم ذكر مواقف معينة عظيمة لقومه تدل على علو شأنهم.
من هذا ترى أن الوحدة الموضوعية متحققة في كل المعلقات، فكان الشاعر ينتقل من جزئية إلى أخرى لمناسبة تقتضيها، وبمجرد أن يبدأ تتوالى عليه الأفكار، فيسير في عرضها متتابعة حتى ينتهي مما يريد.

الشعور العام في المعلقات:
في كل معلقة شعور عام يسيطر عليها من أولها إلى آخرها:
فمعلقة امرئ القيس تصوير لنفسية شاب يعشق الجمال فيقبل على الحياة، باحثًا عن نواحي الجمال فيها، ويحاول بكل ما يستطيع أن يستمتع بكل مظهر من مظاهر الجمال، ويؤلمه أن يعترضه ما يعكر صفو حياته، أو يقلل من سروره ومتعته، حتى ولو كان من مظاهر الفطرة التي لا دخل للإنسان فيها فيحاول التخلص منه، ويبحث عن المتعة والسرور في كل اتجاه.
ومعلقة طرفة يسرد فيها شعور الطموح وحب الظهور، فالأطلال تلمع فهي ظاهرة واضحة، وموكب الارتحال ضخم عظيم، والحبيبة من طبقة مترفة تتحلى بالجواهر الثمينة، ووجهها يشع نورًا ودفئًا وحياة، وناقته ضخمة عظيمة، وشخصيته ذائعة الشهرة والصيت.
وفي معلقة زهير، يشيع نقاء السريرة وحب الخير، فهي تصوير لنفسية رجل حلب الدهر أشطره، فعرف خيره وشره، وحلوه ومره، وثبت لديه أن الحياة لا قيمة لها بدون سلام.
فجدير بالعاقل أن يبحث عنه، ويتمسك به، ويدعو به، حتى للجماد.

اسم الکتاب : في تاريخ الأدب الجاهلي المؤلف : الجندي، علي    الجزء : 1  صفحة : 332
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست