اسم الکتاب : في النقد الأدبي المؤلف : علي علي صبح الجزء : 1 صفحة : 16
ذوقه الأدبي وتعصبه
للفصل في هذه المشكلة الهامة يجب أن نقرّر:
أولا: أن التعصب معناه الفنِّي هو الانحياز كلية إلى ما تتعصب له، فلا ترى منه إلا الخير، وتقلب سيئاته حسنات مسوقًا بالهوى متحملًا الأسباب لتجميل القبيح والمبالغة في قيمة الحسن، وهذه حالة نفسية لا وجود لها في كتاب الآمدي لا صراحة ولا من وراء حجاب. فهو رجل يتبع في النقد منهجًا محكمًا. فيدرس ما أمامه، معللًا أحكامه، قاصرًا لها على التفاصيل التي ينظر فيها، رافضًا إطلاق التفصيل.
ثانيا: لما أن لم يفضل الشعر الطبيعي السهل على الشعر المتكلف المتصنع. فهذا ليس سيئًا وهو من حق كل ناقد، والذوق هو المرجع النهائي في كل نقد. وإنما يأتي خطر تحكيم الذوق عندما نتخذه ستارًا لعمل الأهواء التحكيمية، التي لا تصدر في أحكامها عن نظر في العناصر الفنية. وإحساس صادق بما فيها من جمال أو قبح، أو عندما يكون ذوقًا غفلًا لم تجتمع فيه" الدربة إلى الطبع، كما يقول الآمدي نفسه. "فالذوق الذي يعقد به هو ذوق ذوي البصر بالشعر، وهؤلاء لا يستطيعون عادة أن يعلِّلوا الكثير من أحكامهم، وفي التعليل ما يجعل الذوق وسيلة مشروعة من وسائل المعرفة، وإن كنا لا نذكر أن من الأشياء أشياء تحيط بها المعرفة ولا تؤدِّيها الصفة، على حدِّ قول إسحق الموصلي، كما نؤمن بأنه ليس في وسع كل أحد أن يجعلك في العلم بصناعته كنفسه، ولا يجد إلى قذف ذلك من نفسك ولا في نفس ولده ومن هو أخص الناس به سبيلًا، ولا أن يأتيك بعلة قاطعة ولا حجة باهرة، وإن كان ما اعترضت فيه اعتراضًا صحيحًا، وما سألت عنه سؤالًا مستقيمًا. لأن ما لا يدرك إلا على طوال الزمان ومرور النهار والأيام لا يجوز أن يحيط به أحد في ساعة من النهار".
وأخيرًا: فإننا نؤمن بأنه "لن ينتفع بالنظر إلا من يحسن أن يتأمَّل، ومن إذا تأمَّل علم ومن إذا علم أنصف1".
اسم الکتاب : في النقد الأدبي المؤلف : علي علي صبح الجزء : 1 صفحة : 16