responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : في النقد الأدبي المؤلف : علي علي صبح    الجزء : 1  صفحة : 148
وليس من المعقول أن نفصل الصورة قديمًا عن قضية اللفظ والمعنى وهي جوهرها ولبّها وما اللفظ إلا الشكل؟ وما المعنى إلا المضمون؟ - وهما اللذان أثارهما النقاد المحدثين. وكيف لا يتناول النقد الأساس الأول الذي قامت عليه المذاهب الأدبية في العصر العباسي فوجدنا منه شعرًا مطبوعًا، وآخر مصنوعًا، شعرًا يهتمّ بالمعنى، وآخر يهتم باللفظ. يقول نقادنا عن الشعر: إنما هو عواطف الشاعر وشعوره بركبها خيال وملكات قادرة ومقدرة فنية موهوبة في صور من الألفاظ والأساليب[1].
ولا مبرر لدعوة الذين يغمضون أعينهم عن هذه القضية، مدَّعين أنها دراسة عميقة لا قيمة لها في الصورة، وتبدأ القيمة عندهم من ابن رشيق وعبد القاهر بل هما أيضًا كانت نظرتهما قاصرة، لم توفِ بالغرض المنشود.
وهذا بعدٌ عن الصواب، ونكران للحقيقة، وهم أشبه في ذلك بالذي سقط فجأة على ثمرة ناضجة، فقطفها، وأعمل أضراسه فيها، ولم يوجّه أنتباهًا لكيفية وجودها عندما كانت بذرة، ثم تحولت إلى جذور وجذوع، وسيقان وفروع، وأوراق وأزهار، ثم مضى على ذلك وقت طويل، ونشط إليها من تعهدها ورعاها لقصير ثمرة شهية، تسيل لعاب المتذوق ويتلفظ بها فم الآكل.
وهكذا فلندعهم سادرين في غيّهم، مخدوعين بما سمعوا وقرءوا، فهم أناس ألفوا الراحة، واكتفوا بما تحت أيديهم من غير جهد ولا تعب، أو تعقب للمراحل السابقة، قبل الوصول إلى نهاية الطريق، ثم يدعون باطلًا أن المراحل السابقة لا قيمة ولها ولا وزن، ولا أهمية ولا اعتبار إلا للنتيجة النهائية في مفهوم الصورة الأدبية التي انتهى إليها النقاد في العصر الحديث.

[1] دراسات في تاريخ الأدب العربي في أزهى عصوره: د. محمد عبد المنعم خفاجي، د. عبد الرحمن عثمان - القسم الأول ص 123 مطبعة المدني 1972.
اسم الکتاب : في النقد الأدبي المؤلف : علي علي صبح    الجزء : 1  صفحة : 148
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست