اسم الکتاب : في الميزان الجديد المؤلف : مندور، محمد الجزء : 1 صفحة : 87
كالخد؟ هذا الفضاء الرحب، الفضاء المترامي الذي تسبح فيه الروح فلا تنتهي إلى غاية، هذا الفضاء خد؟ وكيف تصقل الأثير، الأثير اللين الشفاف الخفيف؟
لمعة الشمس كعين ... لمعت نحو خليل
هل يرى القارئ عين الحبيب وهي تلمع نحو الخليل فتشبه لمعة الشم؟ لا بد أنها عين حمراء تقدح الشرر وترسل اللهيب!
رجفه الزهر كجسم ... هزه الشوق الدخيل
أنا أعلم أن الدخيل معناه الطفيلي. أهو الشوق الطفيلي؟ أهو الشوق الداخلي؟ وهل ترى الجسم يهتز كرجفة الزهر؟ لو أن الهزة كانت في القلب لقلت شاعر يشارك الطبيعة بإحساسه ولكنه الجسم كله. يخيل إليَّ أنني أرى فيلا يهتز بجوار وردة تتمايل على غصنها.
حيث يممت مروج ... وعلى البعد نخيل
مرج ونخيل لا تخصيص فيها ولا اختيار، أين الفن في يممت نحو المروج وعلى البعد نخيل؟ وهذا نثر لا روح فيه.
وأما غاية العجب فتأخذك من قوله:
قل ولا تحفل بشيء ... إنما الكون جميل
تسمع قل ولا تحفل بشيء، فتتنبه حواسك، ويستيقظ إحساسك.
ويصحو عقلك لهذا التحدي القوي وتلك الشجاعة النادرة، وتحسب أن الشاعر سيخرج على قانون من قوانين الوجود أو على حقيقة من الحقائق الإنسانية الثابتة، ثم ننظر فإذا به لا يأتيك بغير هذه الجملة المبتذلة "إنما الكون جميل". وأنت تتساءل عن سر هذا القصر وذلك التأكيد فلا تهتدي إلى شيء.
ها هو شعر الشاعر الكبير، فما بالك بشعر الشاعر الصغير؟
اسم الکتاب : في الميزان الجديد المؤلف : مندور، محمد الجزء : 1 صفحة : 87