responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : في الميزان الجديد المؤلف : مندور، محمد    الجزء : 1  صفحة : 85
لا يمكن أن تكون بغير فتات الحياة الأليفة الوثيقة الصلة بالبشر، وأما الطنطنة، وأما تضخيم التوافه، وأما عجيج الألفاظ، وأما التبجح بالقوة الجوفاء، فهذه وسائل العجز والادعاء والجهل.
أضرب للأستاذ قطب مثلا بسيطا أختاره من السينما لنبعد عن الأدب العسير الفهم.
في إحدى الأفلام أراد مؤلف القصة أن يحمل المشاهدين على إدراك ضيق بطل الرواية لطول انتصاره أمرا يهمه فلم ينطقه بخطبة، ولم يعبث بملامحه ولم يحمله على تمزيق ملابسه أو شد شعره، بل ولا على الصياح في أجواز الفضاء، بل عرض على الشاشة بطلنا وأمامه منفضة سجاير خالية، ثم غير المنظر وعرض الرجل في نفس الجلسة، وأمامه المنفضة وقد امتلأت بأعقاب السجاير حتى فاضت، هذه المنفضة المليئة بأعقاب السجاير لا شك من فتات الحياة بل من هناتها، ولكن أوما يرى الأستاذ قطب أنها وسيلة قوية من وسائل الأداء، وأنها قد حملتنا على إدراك نفسية البطل إدراكا لن تبلغه قصيدة طويلة من قصائد الأستاذ قطب؟
هذه هي فتات الحياة التي يجب أن نعرف قدرها في الفن، ولكننا قوم فطريون، نظن الفن ألوانا فاقعة وضجيجا خاويا، نعم يا أستاذ قطب أنا أوثر "الأطياف الباهتة" لأنها نسيج كل فن رفيع، وأما الأطياف الزاهية فلا تسر غير البدائيين من الناس، أولا ترى إلى زنوج إفريقيا كيف يستهويهم الأحمر القاني والأصفر الكركم؟
وأعود فأكرر أننا في سبيل الحديث عن طرق الأداء في الفن، وأما قوة الإحساس المثار فلا دخل لها بالفتات، إلا أن يكون هذا الفتات مبعث ذلك الإحساس القوي.
وأما إنني أستطيع أن أستقل بالمشاعر الضخمة وبالفحولة والجهارة أو لا أستطيع، فهذه دعوى لا أحب أن أناقشاها لأنها صغيرة، ولسنا في مجال مبارزة.
وأنحدر إليها، ورحم الله من قال: "أسرع الناس إلى القتال أقلهم حياء من الفرار". ونحن نناقش مسائل فنية يدور حولها الأستاذ قطب -يدور من الخارج.
مختارات الأستاذ قطب:
قلت: إنني أحب المتنبي وأرى فيه شاعرا كبيرا، ويأبى الأستاذ قطب إلى أن

اسم الکتاب : في الميزان الجديد المؤلف : مندور، محمد    الجزء : 1  صفحة : 85
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست