اسم الکتاب : في الميزان الجديد المؤلف : مندور، محمد الجزء : 1 صفحة : 169
ولكن هذه المحاولات لم تنجح. ولا يزال علماء كل بلد في أوربا ينطقون اللاتينية واليونانية كأنهما من لغاتهم. وإذن فنحن حتى في هاتين اللغتين مضطرون إلى أن نتخير نطقا نأخذه عن علماء أحد هذه البلاد وذلك إلى أن يستقر النطق التاريخي Reconstituee على أسس ثابتة مقبولة من الجميع.
ويزيد الأمر تعقيدا أن تعريب الأسماء لا يمكن أن يكون وفقا لقرارات يصدرها المجمع الغوي أو الأستاذان الكرملي وزكريا إبراهيم، وإنما الأمر أمر استعمال: استعمال كبار الكتاب الذين لهم من الشهرة ما يجعل تعريبهم يذيع بين الناس.
خذ لذلك مثلا ما استقر عليه العرف في فرنسا منذ القرن السابع عشر، تجد أن أسماء الأعلام الشهيرة التي تتداولها الألسن قد أعطيت صيغة فرنسية؛ ولذلك يقولون: فرجيل وهومير وسوفوكل وأوربيد وأشيل، وأما الأسماء التي لا ترد إلا على ألسنة الخواص من العلماء فقد تركت لها صيغتها اللاتينية أو اليونانية؛ ولذلك يقولون: كورنيليوس وإنيكوس وبيون وموسكوس ومن إليهم.
وإذن فالأمر أعقد مما ظن الأديب زكريا إبراهيم. وأساتذة الجامعة يؤلمهم أن يبلبلوا أذهان القراء. ولكن ما الحيلة والمسائل معقدة؟ أليس من الأجدى علينا وعليكم أن تتركونا نتحسس السبل ونجاهد حتى نصل إلى تعريب سهل قريب مستساغ نرجو معه أن تنتشر الألفاظ التي نفضلها فتنحل المشاكل ويرتفع اللبس؟ ثم أليس من الخير أن نعرب عن إحدى اللغات والمنتشرة في بلادنا بدلا من التعريب عن لغات قديمة لا يعدو من يعرفها من مواطنينا الذين نكتب لهم الأصابع؟
اسم الکتاب : في الميزان الجديد المؤلف : مندور، محمد الجزء : 1 صفحة : 169