responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : في الميزان الجديد المؤلف : مندور، محمد    الجزء : 1  صفحة : 136
في "الفن الرومانتيكي" وفكتور هيجو في "مقدمة كرومويل" وشيلي في "الدفاع عن الشعر" وورد زورث في "مقدمته"، وفاليري في "متفرقاته"، ودانتي في "اللغة العامية"، وديهامل في "دفاع عن الأدب".
بل إنني لا أعرف أو لا أكاد أعرف كاتبا أو شاعرا لم يكتب ويتحدث في النقد، وهل يظن الأستاذ خلف الله أن أحدا يستطيع أن يكون شاعرا أو كاتبا مجيدا إلا أن يكون ناقدا ليبدأ بنقد ما يكتبه ووزنه جملة جملة وحرفا حرفا؟ وهلا يرى معي الأستاذ أن كل الفارق بين القدامى والمحدثين هو أن القدامى كانوا ينقدون أنفسهم أو غيرهم دون أن يشعروا بالحاجة إلى كتابة ذلك، وأن المحدثين ينقدون ثم يدونون لتبصير جمهور القراء بحقائق الأدب، ثم من قال: "إن النشاط الفني فيض حيوي متدفق يأبى الوقوف حتى يصل إلى غايته من التصوير أو الإبداع، وإن النشاط النقدي حركة قائمة على الأناة والروية تُعنى -بالضرورة- بتسلسل الفكرة وإحكام حلقاتها". وهذا كلام نرتجله نحن ولم يقل به أحد، لا من الأدباء ولا من علماء الجمال والنفس وأنفسهم وإنما الخلق الفني والنشاط النقدي كلاهما "صناعة كسائر الصناعات"، لا بد فيهما من روية وإمعان وتسلسل وإحكام حلقات وأنا لا أومن بشيء اسمه الإلهام والوحي والعبقرية، وإنما أعرف "التثقيف وإبداع الصناعة" ونقد ما نكتب والجهد وطول المران، وهذه كلها حقائق سبق أن قلتها وسأقولها دائما لأنها الحق.
قال أبو عمرو الجاحظ: "طلبت علم الشعر عند الأصمعي فوجدته لا يعرف إلى غريبه، فرجعت إلى الأخفش فألفيته لا يتقن إلا إعرابه، فعطفت على أبي عبيدة فرأيته لا ينقل إلا ما اتصل بالأخبار وتعلق بالأيام والأنساب، فلم أظفر بما أردت إلا عند أدباء الكتاب كالحسن بن وهب ومحمد بن عبد الملك الزيات. فلله در أبي عثمان لقد غاص على سر الشعر واستخرج أدق من الشعر، وفي هذا النمط ما حدث محمد بن يوسف الحمادي قال: حضر مجلس عبيد الله بن طاهر وقد حضره البحتري لفقال: يا أبا عبادة: مسلم أشعر أم أبو نواس؟ فقال: بل أبو نواس. فقال له عبيد الله: إن أحمد بن يحيى ثعلبا لا يوافق على هذا فقال: أيها الأمير ليس هذا من علم ثعلب وأضرابه ممن يحيط بالشعر ولا يقوله وإنما يعرف الشعر من دفع إلى مضايقه".
بذا يتحدث الصاحب بن عباد في رسالته عن "الكشف عن مساوئ شعر المتنبي" "ص4، 5" ومنه ترى أن القدامى قد فطنوا إلى أن النقد شيء مستقبل عن كل علم آخر، وأن قوامه الذوق، وأن أقدر الناس عليه هم الشعراء والأدباء.

اسم الکتاب : في الميزان الجديد المؤلف : مندور، محمد    الجزء : 1  صفحة : 136
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست