responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : في الأدب الحديث المؤلف : الدسوقي، عمر    الجزء : 1  صفحة : 272
جريدة العروة الوثقى:
وهي دليلٌ أخر على أن عزيمة السيد لا تفتر، وعلى أن اليأس لم يبلغ في نفسه مبلغًا يثنيه عن أداء رسالته، وقد كان من رأي الشيخ محمد عبده أن هذا الجيل من المسلمين، الذين يدعونه للرشاد واليقظة جيلٌ فاسدٌ ولا رجاء فيه، وأن الأولى أن تنشأ مدرسة يُربَّى بها عددٌ محدودٌ من خيار الشباب يقودون الأمة فيما بعد لما فيه خيرها ونفعها، ولكن هذه الفكرة لم ترق للسيد، ورأى فيها تثبيطًا للهمم، وكأني به يتعجل قطف الثمرة لههذه الغراس التي أودعها المتصلين به، وأصَرَّ على أن يوجِّه الدعوة إلى الجيل الحاضر من الناس في صورة جريدة "العروة الوثقى"، يكون له فيها الفكر المدبِّر والعقل المسيطر، وللشيخ محمد عبده القلم المحرر واللسان المعبر، ولميرزا محمد باقر الترجمة من الصحف الأوربية، ونقل كل ما يهم إلى الشرق والإسلام[1], وصدر من الجريدة ثمانية عشر عددًا، وكان شعلةً ملتهبةً متوجهةً من الحماسة والآراء الحرة الجريئة، وكانت حربًا شنَّهَا جمال الدين وزميلاه على الاستعمار الجشع، وكان طبيعيًّا أن يحاربها الاستعمار خشية أن تفسد عليه تفرده بالغنيمة, وقتله الشعوب التي وقعت في قبضته، فمنعها من دخول الهند ومصر[2].
ولما شعر السيد وزميلاه أن الأعداد لا تصل إلى أصحابها إلّا في النادر، وأنه قد حيل بينهم وبين وصول صوتهم إلى آذان الناس في مصر والشرق عطلوها، وإن لم يمت أثرها حتى اليوم.
عود إلى الرحلة:
لما عطلت الجريدة، وانفرط عقد هذه الجماعة الصغيرة المجاهدة، ورجع الشيخ محمد عبده وميزرا باقر إلى بيروت، وطلب شاه العجم السيد جمال الدين فلَبَّى دعوته علَّه يجد ميدانًا صالحًا للجهاد، وأرضًا خصبةً لغرس تعاليمه، ومَلِكًا شهمًا مستنيرًا ينفذ آراءه, فيكون هو الأمل المنشود، ولكن هيهات وملوك ذاك الزمان ما ألفوا أن يشاركهم في سلطانهم أن جاههم أحدٌ، ولذلك سئم الشاه "نصر الدين" صحبة السيد، ودبت في نفسه الغيرة منه، ولما أحسَّ جمال الدين أنه أخذ

[1] تاريخ الإسلام ج2 ص229، والمنارج8 ص255.
[2] المنار ج8 ص 462, مشاهير ج2 ص57.
اسم الکتاب : في الأدب الحديث المؤلف : الدسوقي، عمر    الجزء : 1  صفحة : 272
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست