اسم الکتاب : في الأدب الحديث المؤلف : الدسوقي، عمر الجزء : 1 صفحة : 23
رأى محمد علي أن تشمل نهضته جميع نواحي الحياة؛ فأكثر من إنشاء المدارس العالية والابتدائية، وقد بدأ بالمدارس العالية، وكان على حقٍّ فيما فعل؛ حتى يجد بجنبه جماعةً من المتخصصين في المواد المختلفة, يشرفون على مراحل التعليم الأخرى, ويسيرون بالنهضة سريعًا، فأسَّسَ مدرسةً للصيدلية، وأخرى للهندسة في القلعة, ثم نقلت إلى بولاق، ومدرسةً للولادة والتمريض, ورأى أن الحاجة ماسَّةً إلى أساتذة متخصصين عالمين بعلوم الغرب وثقافته، فجلب الأساتذة من فرنسا في كل فنٍّ من الفنون، ولكنه أدرك أن النهضة الحقة لا تتم إلّا على يد أبناء البلاد، فأكثر من البعثات، وفي سنة 1826 أرسل بعثةً إلى فرنسا, عدتها أربعة وأربعون طالبًا، ذكر أسماؤهم "المسيو جومار"[1] -وقد عهد إليه محمد علي بالإشراف على بعثاته- في المجلة الأسيوية، Journal -Asiatipue [2] وقد تخصصوا في شتَّى العلوم والفنون: من حقوق، وعلوم سياسية، وهندسة حربية، وطب، وزراعة، وتاريخ طبيعيٍّ، وميكانيكا، وكيمياء، وطباعة، وحفر، وغير ذلك مما استلزمته النهضة الحديثة، ومن أشهرهم وأعظمهم أثرًا, إمام البعثة الشيخ: رفاعة الطهطاوي, وسنترجم له فيما بعد لجليل قدره وعظم أياديه على الترجمة والنهضة والأدبية.
ثم توالت البعثات، ومن أشهرها البعثة الطبية الكبرى في سنة 1832، وقد اختير طلبتها من نابهي مدرسة الطب المصرية، ومن نوابغ رجالها محمد علي البقلي, وفي سنة 1844 أرسلت بعثةٌ ضمَّت خمسةً من أمراء أسرة محمد علي، ومنهم الأمير إسماعيل[3]، ولذا سميت ببعثة الأنجال، وهي أكبر بعثات محمد علي, وآخر بعثاته الكبرى، وقد اختار تلامذتها سليمان باشا الفرنساوي من نوابغ تلاميذ المدرس المصرية، ومن أجل هذه البعثة فتح محمد علي مدرسةً بباريس، ومن أشهر رجالها علي مبارك باشا، وحسن أفلاطون باشا، ومحمد عارف باشا، ومحمد شريف باشا. [1] كان مهندسًا في الجيش الفرنسيّ بمصر, وعضوًا في المجمع العلميِّ أيام حملة نابليون. [2] عدد أغسطس سنة 1828 ص109. [3] الخديوي إسماعيل فيما بعد.
اسم الکتاب : في الأدب الحديث المؤلف : الدسوقي، عمر الجزء : 1 صفحة : 23