اسم الکتاب : فن المقال الصحفي في أدب طه حسين المؤلف : عبد العزيز شرف الجزء : 1 صفحة : 99
إلى أن يقول: ".. غير أن الفلك برغم ذلك آخذٌ مداره لا أليًا[1] ولا حثيثًا[2] والكواكب على الكره منه آخذة مجراها كما هي الآن"[3].. إلخ.
على أنَّ هذا الأسلوب المتأثِّر بالمدرسة القديمة في الترَسُّلِ الصحفي الذي يمتاز بالزينة والزخرف[4] ما يلبث أن يتأثَّر بالأدب النثري الذي انتهى إليه المنفلوطي، غاية في ذاته، أي: أدب إنشائيٌّ لا يهدف إلى تعليمٍ لغويٍّ أو سياسي[5]، مع ميلٍ إلى الأسلوب المرسَلِ الخالي من تكلُّفِ السجع ونقل الصيغ والقوالب القديمة، وهي ميزة يعزوها العقاد[6] إلى أيام المنفلوطي لا إلى جرأته وحسن اختياره.
ويذكر طه حسين أنه في بداية المرحلة الأولى في بيئة التكوين، كان من أَشَدِّ المعجبين بالمنفلوطي, يقرأ له النظرات فتقع من قلبه موقعًا حسنًا[7]، ولذلك نجد في مقالاته المبكرة ميلًا شديدًا إلى تقليد المنفلوطي والتأثُّرِ به، فيكتب بعنوان: "بين العبرات والزفرات"[8] مقالات يسلك فيها مسلك المنفلوطي في مخاطبة الوجدان ومحاولة إثارة العواطف, ومن "عبرات وزفرات" طه حسين قوله:
"يقضي ساعات الليل ومعظم النهار بين قلبٍ يجفُّ9 ودمع يكفُّ10 وجسم يرتجف, شهيق وحريق، زفير وسعير، وجيب ولهيب، عين ساهرة، وهموم ثائرة، ونفس حائرة بين ماضٍ مؤلم، ومستقبل مظلم"11، ثم قوله: رحماك اللهم بهذا الشاب، ماذا جنى؟ وما عسى أن يكون ذنبه؟ "12 إلخ. مما يكشف عن تأثُّر هذه العبرات بأسلوب المنفلوطي في الإنشاء، مثل "أواه.. ويلاه.. ليتني"13 و"رحماك اللهم! أيذوي هذا الغصن اللدن"14.. إلخ.
ومن النماذج الأولى في مرحلة التقليد، يبين كذلك، تمثُّل أسلوب المقامة العربية في شكلها المعروف في الأد اء، في مقال طه حسين، إلى جانب تأثُّرِه بالمنفلوطي في أسلوب الإنشاء، حين يحتذيه في تصوير حيرة الشباب. ذلك [1] أليًا: مبطئًا. [2] حثيثًا: مسرعًا. [3] المرجع السابق. [4] الدكتور عبد اللطيف حمزة: أدب المقالة جـ3. [5] عباس محمود العقاد: المراجعات ص173. [6] المرجع السابق ص173. [7] مصر الفتاة في 31 أغسطس 1909. [8] مصر الفتاة في 19 أكتوبر 1909, محمد سيد كيلاني: مرجع سبق ص83.
9، 10، 11 المرجع السابق ص83, يجف: يضطرب, يكف: يتساقط.
12، 13، 14 المرجع السابق ص85.
اسم الکتاب : فن المقال الصحفي في أدب طه حسين المؤلف : عبد العزيز شرف الجزء : 1 صفحة : 99