responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فن المقال الصحفي في أدب طه حسين المؤلف : عبد العزيز شرف    الجزء : 1  صفحة : 209
ناقدة مرة ومقرظة مرة أخرى، معلِّمَة مرةً معنيةً بالإمتاع الفني مرةً أخرى، متناولة للسياسة على اختلاف ألوانها, وللحياة الاجتماعية على تباين أشكالها، وللحياة العقلية على تنوُّعِ فروعها[1]. ولكن توسُّلِ طه حسين بفنون الشعر وتمثُّلِها في فنون النثر وإعادة خلقها خلقًا مقاليًّا جديدًا، يشير إلى تطويع اللغة العربية لفنون القول القديمة والحديثة، ذلك أن هذه اللغة ملك له "يطوعها لما يريد من أغراض الحياة الحديثة التي يحياها الناس"[2].
ولعلَّ في منافسته للشعراء وابتداع فنون جديدة من خلال النثر المقالي، ما يشير إلى أن تخليه عن قرض الشعر بعد مرحلة التكوين, إنما جاء أمرًا مقصودًا ليجدِّدَ عمود الشعر العربي المحافظ، كما تقدَّم، وليحقق ثورته على أساليب القدماء في التعبير الشعري والنثري، لا يُلْزِمُ نفسه أن ينظم الشعر كما كان ينظمه الجاهليون والإسلاميون والمحدَثُون من شعراء العصر العباسي أو من شعراء الأندلس, ولا يأخذ نفسه بأن يكتب كما كان يكتب ابن المقفع والجاحظ وغيرهما من الكُتَّابِ القدماء, وإنما يصطنع من الأساليب ما يلائم ذوقه وعقله الحديث من جهةٍ, وما يلائم حاجات عصره وما تثير هذه الحاجات في نفسه من العواطف والخواطر والآراء3. وجاء مقاله الصحفي بفنونه التحريرية المختلفة محققًا للصلة بين القديم والجديد, ملائمًا بين ما كان وما هو كائن4، محاولًا "أن يلائم بين هذا كله, وبين ما سيكون في مستقبل الأيام5". ذلك أن "الأمة الحية هي التي تساير الزمن وتتأثر الأحداث تأثُّر مَنْ ينتفع بها, ولا يفنى فيها, وأن تتطوَّر حسب ما تمليه الظروف[6].
وتأسيسًا على هذا الفهم، جاء فن العمود الصحفي في مقال طه حسين توطينًا لفنٍّ قوليٍّ في اللغة العربية، وتأصيلًا له فيها، وإسهامًا في تنميتها وتطويرها، ذلك أن الرؤيا الإبداعية في مقال طه حسين تقوم على شيئين اثنين، أحدهما ما يُرْسَى من رأي, أو يَجِدُّ من عاطفة وشعور7. والآخر امتحان قدرة اللغة العربية على أن تقبل فنونًا من القول لم يطرقها القدماء, وامتحان قدرته هو على أن يكون الصلة بين اللغة العربية وبين هذه الفنون والآداب8.
وعن هذه الرؤيا الإبداعية يصدر العمود الصحفي في امتحان طه حسين

[1] جنة الشوك ص8.
[2] من أدبنا المعاصر ص156.
2، 4، 5 المرجع نفسه ص156.
[6] المرجع نفسه ص157.
7، 8 جنة الشوك ص20، 21.
اسم الکتاب : فن المقال الصحفي في أدب طه حسين المؤلف : عبد العزيز شرف    الجزء : 1  صفحة : 209
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست