responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فن السيرة المؤلف : إحسان عباس    الجزء : 1  صفحة : 142
وربما كان بينه وبين اعترافات روسو القرابة الدموية ([1]) " حقاً أن الشدياق كان سابقاً لأوانه في نفاذ نظرته، مشرفاً كالعملاق الساخر على عيوب عصره، متحدياً بالقدرة اللغوية اليازجي ومن نسج اليازجي على منوالهم، كل هذا موطن للإعجاب، ولكن حين نضع كتابه إلى جان الأيام، واعترافات روسو، فإننا نفترض أنه سيرة ذاتية مكتملة، وفي هذا إسراف في التقدير، لأن الجوانب الخيالية، والمشاهد المصنوعة فيه تربو بكثير على الأمور الواقعية، كما أن الاستطراد في اللغة والنقد والسخرية والحوار المصنوع، كل هذه تخرجه عن أن يكون سيرة ذاتية بالمعنى الفني.
ولذلك أرى أن " للأيام " في السير الذاتية الحديثة مكانة لا تتطاول إليها أي سيرة ذاتية أخرى، في أدبنا العربي، وخاصة في الجزء الأول منه، مزايا كثيرة منها: تلك الطريقة البارعة في القص، والأسلوب الجميل، والعاطفة الكامنة في ثناياه المستعلنة أحياناً حتى تطغى على السطح؛ وتلك اللمسات الفنية في رسم بعض الصور الكاملة للأشخاص، والقدر على السخرية اللاذعة في ثوب جاد حتى تظهر وكأنها غير مقصودة.
وكتاب " الأيام " صورة واعية للصراع بين الإنسان وبيئته، وكاتبه يعمد عمداً إلى تصوير ذلك الصراع، ولا

[1] المكشوف: ع 170: 2.
اسم الکتاب : فن السيرة المؤلف : إحسان عباس    الجزء : 1  صفحة : 142
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست