اسم الکتاب : فن التحرير العربي المؤلف : الشنطي، محمد صالح الجزء : 1 صفحة : 26
ثانيًا- التمرس بالأساليب الأدبية الرفيعة
لا يتأتى هذا الشرط إلا بالمطالعة الغزيرة الواعية للكتب الأدبية المشهورة، وقراءة الآثار النثرية والشعرية المتميزة، بما في ذلك الدواوين الشعرية التي أبدعها شعراء معروفون بموهبتهم وقدراتهم، مع العمل على تذوقها وتمثلها وفهمها. ومن شأن ذلك أن يسهم في تكوين ذائقة لغوية مدربة قادرة على التمييز بين الأساليب، والتمكن من اختيار الألفاظ المناسبة، وليس من شك في أن القاعدة الأساسي التي تبنى عليها القراءة والمطالعة هي دراسة كتاب الله دراسة عميقة، ومداومة الاطلاع على تفاسيره المعتمدة، فالقرآن الكريم هو المصدر والمرجع في فهم اللغة وتذوقها واستيعاب الأساليب وتمثلها، فلغته لغة البيان المعجز ومنهل الفصاحة والبلاغة، والإلمام بآي الذكر الحكيم يربي الذوق
وفقه اللغة يبحث في أصولها ودقائقها، وأسرارها فيما يتعلق بدلالات الألفاظ وتطورها، والأصيل والدخيل فيها، والمترادف والمتضاد منها، ويعرض لأبنيتها الصوتية ومخارج الحروف، وسلالة اللغة ومجموعاتها ولهجاتها، وقد أصبح علمًا له تقنيته الخاصة التي تستعين بالأساليب العملية الحديثة، كالمعامل الصوتية بأجهزتها المختلفة.
وإتقان هذه العلوم وما يتصل بها من وعي تام بأشكال الكتابة ورسومها يعتبر من المبادئ الأساسية للكتابة، والإجادة فيها، غير أن هناك مهارات أخرى تتعلق بإتقان الأداة غير تلك التي أشرنا إليها، وتختص بكل فن من الفنون على حدة، فكتابة الشعر تستلزم معرفة جيدة بعلم العروض والقافية، أي ببحور الشعر وأوزانه، وأسبابه وأوتاده، وزحافاته وعلله، ومصطلحاته المختلفة، وكتابة القصة بأنواعها تحتاج -بالإضافة إلى الموهبة افطرية الخاصة- إلى الإلمام بقواعد القصة وأصولها وأساليبها وكذلك المسرحية وغيرها.
هذا هو المقوم الرئيس في فن الكتابة وبدونه لا تستقيم ولا تجود.
اسم الکتاب : فن التحرير العربي المؤلف : الشنطي، محمد صالح الجزء : 1 صفحة : 26