اسم الکتاب : فصل المقال في شرح كتاب الأمثال المؤلف : البكري، أبو عبيد الجزء : 1 صفحة : 389
أبوها آتياً [1] إلى أهله، وكان شديد الغيرة، فمر بكاهنة في طريقه فقال له: يرحل جملك ليلاً، وحلبة أهلك تحتلب [2] قيلاً، وكان ثم حدث، فأقبل لا يلوي، ودخل الحي ليلاً فبدأ بامرأته فوجدها مع عياله مقبلة على ما يصلحها، فخرج إلى خباء ابنته فاستقبلته خادمها. فقال لها: ثكلتك أمك أين الفارعة؟ قالت: خرجت تمشي مع فتيات الحي لعيادة بعضهن وهي عائدة الساعة. فانتقل عنها إلى امرأته ما يشك أنها مريبة، فقالت له: إني لأعرف الشر في وجهك فلا تعجل واقف تر ([3]) " لا ناقة لي فيما تكره ولا جمل " [4] فسار قولها مثلاً.
ثم رجع إلى خباء ابنته لخادمها: والله لا ينجيك مني إلا الصدق، وسل سيفه فصدقته الخبر. قال: فأين أخذا؟ قالت: هذا الوجه. فأتبعهما، فلما صار منها غير بعيد وجد الجمل ريح مولاه فتزحزح. فقال العذري: أما ترين الجمل وحال؟ فقالت: ما كان يصنع هذا إلا إذا رأى مولاه، أو كان قريباً منه. وجعل الجمل يريد ينبعث، وهو معقول فلا يقدر على القيام. فقالت الفارعة: لقد أوجست أمراً، أو آنست ذعراً، أو رأيت شراً، فليته غاب دهراً. فسمعها أبوها فقال: قد غبت دهراً، فحلبت شراً، وأتيت نكراً. قم انتضى سيفه ففلق به هامة شبث، وقتل الجارية وانصرف بجمله وهو يقول:
لا تأمنن بعدي الجواريا ... عوناً من النساء أو عذاريا أخافها والعار والمساويا ... وقال الراعي:
وما هجرتك حتى قلت معلنةً ... لا ناقة لي في هذا ولا جمل (5) [1] س ط: آبياً. [2] س ط: تحلب. [3] الميداني: واقف الأثر، وكذلك في س. [4] الميداني: فلا ناقة لي في هذا.
(5) هذا البيت ورد في نص أبي عبيد ابن سلام.
اسم الکتاب : فصل المقال في شرح كتاب الأمثال المؤلف : البكري، أبو عبيد الجزء : 1 صفحة : 389