اسم الکتاب : غرر الخصائص الواضحة المؤلف : الوطواط الجزء : 1 صفحة : 234
وما أحسن عذر من غص بالملام ... على كثرة صمته وقلة الكلام
حيث قال
قالوا نراك كثير الصمت قلت لهم ... ما طول صمتي من عيّ ولا خرس
الصمت أحمد في الأشياء عاقبة ... وأزين الآن لي من منطق شكس
أأنشر البز فيمن ليس يعرفه ... وأنثر الدّر للعميان في الغلس
ومن الخرافات الموضوعة على ألسنة الحيوانات في مدح الصمت وذم الكلام أنه اجتمع برغوث وبعوضة فقالت البعوضة للبرغوث إني لأعجب من حالي وحالك أنا أفصح منك لساناً وأرجح ميزاناً وأوضح بياناً وأكبر منك شباباً وأكثر طيراناً ولي في بحر العبودية سباحة وفي ساحته سياحة ومع هذا كله فقد أحاط بي الفضوع وأحرمني الجوع الهجوع وأنت على علاتك في جميع حالاتك تأكلي وتشبعي وفي نواعم الأبدان ترتعي قالت نعم أنت بين العالم مطنطنة وعلى رؤسهم مدندنة وطول لسانك سبب حرمانك وأما أنا فالتلطف صناعتي والصمت بضاعتي وإنما توصلت إلى قوتي بسكوتي
ومما له في هذا الموضع ... من النفوس حسن موقع
حفظ الأسرار أن تدال ... على الأحرار والأنذال
قال الله تعالى حكاية عن قول يعقوب ليوسف عليهما السلام حين قص عليه رؤياه فعلم منها بدء أمره ومنتهاه يا بني لا تقصص رؤياك على اخوتك فيكيدوا لك كيداً وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان وكان عيه الصلاة والسلام إذا أراد غزاة ورى بغيرها ومن أمثالهم صدرك أوسع لسرك ويقال إذا انتهى السر من الجنان إلى عذبة اللسان فالاذاعة مستولية عليه وعيون الحوادث تنظر شزراً إليه وقال
اسم الکتاب : غرر الخصائص الواضحة المؤلف : الوطواط الجزء : 1 صفحة : 234