اسم الکتاب : غرر الخصائص الواضحة المؤلف : الوطواط الجزء : 1 صفحة : 187
قال تكلم رجل بين يدي المأمون فأحسن فقال له المأمون ابن من أنت قال ابن الأدب يا أمير المؤمنين فقال نعم الحسب الذي انتسبت إليه ولهذا قيل المرء من حيث يثبت لا من حيث ينبت ومن حيث يوجد لا من حيث يولد وبآدابه لا بثيابه وبفضيلته لا بفصيلته وبعقله لا بعقائله وبأنبائه لا بآبائه وبكماله لا بجماله قال الشاعر
كن ابن من شئت واتخذ أدبا ... يغنيك محموده عن النسب
إنّ الفتى من يقول ها أنا ذا ... ليس الفتى من يقول كان أبي
وقال بزرجمهر من كثر أدبه كثر شرفه وإن كان وضيعاً وبعد صيته وإن كان خاملاً وساد وإن كان غريباً وكثرت حوائج الناس إليه وإن كان فقيراً وقالوا من دأب في طريق الأدب أدرك حاجته وملك ناصيته ونبل قدره ونبه ذكره قال الشاعر
لكل شيء زينة في الورى ... وزينة المرء تمام الأدب
قد يشرف المرء بآدابه ... فينا وإن كان وضيع الحسب
وما أحسن قول بعض الأعاجم يفتخر ويعتذر
مالي عقلي وهمتي حسبي ... ما أنا مولى ولا أنا عربي
وإذا انتمى منتم إلى أحد ... فإنني منتم إلى أدبي
ويقال حسن الأدب يستر قبيح النسب وقالوا الفضل بالعقل والأدب لا بالأصل والنسب ويقال الأدب ينوب عن الحسب ولا ينفع حسب بلا أدب شاعر
كم من خسيس وضيع القدر ليس له ... في العز بيت ولا ينمى إلى نسب
قد صار بالأدب المحمود ذا شرف ... عال وذا حسب محض وذا نشب
يعلى التأدب أقواماً ويرفعهم ... حتى يساووا ذوي العلياء في الرتب
اسم الکتاب : غرر الخصائص الواضحة المؤلف : الوطواط الجزء : 1 صفحة : 187