جلست إلينا على حين قيام منّا أفتأذن؟. قال الفضيل بن عياض للثوريّ:
دلّني على من أجلس إليه، قال: تلك حالة لا توجد. قال مطرّف: لا تطعم طعامك من لا يشتهيه، يريد: لا تقبل بحديثك على من لا يقبل عليك بوجهه. وقال سعيد بن سلم: إذا لم تكن المحدّث أو المحدّث فانهض.
ونحوه قول ابن مسعود: حدّث القوم ما حدّجوك «1» بأبصارهم.
قال زياد مولى عيّاش بن أبي ربيعة: دخلت على عمر بن عبد العزيز، فلما رآني زحل عن مجلسه وقال: إذا دخل عليك رجل لا ترى لك عليه فضلا فلا تأخذ عليه شرف المجلس. وقال ابن عباس: ما أحد أكرم عليّ من جليسي، إن الذباب يقع عليه فيشقّ عليّ. ذكر الشّعبيّ قوما فقال: ما رأيت مثلهم أشدّ تناوبا في مجلس ولا أحسن فهما عن محدّث.
قال سليمان بن عبد الملك: قد ركبنا الفاره «2» ووطئنا الحسناء ولبسنا اللين وأكلنا الطّيب حتى أجمنا «3» ، ما أنا اليوم إلى شيء أحوج منّي إلى جليس أضع عنّي مؤونة التحفّظ فيما بيني وبينه.
روى ابن أبي ليلى عن حبيب بن أبي ثابت عن يحيى بن جعدة قال: قال عمر بن الخطاب: لولا أن أسير في سبيل الله أو أضع جبهتي في التراب لله أو أجالس قوما يلتقطون طيّب الحديث كما يلتقط طيّب الثمر لأحببت أن أكون قد لحقت بالله. قال عامر بن عبد قيس: ما اسى على شيء من العراق إلا على ظمأ الهواجر، وتجاوب المؤذنين، وإخوان لي منهم الأسود بن كلثوم. وقال آخر ما آسى من البصرة إلا على ثلاث: قصب السّكر، وليل الخرير، وحديث ابن