قال أبو يعقوب الخريميّ: أراد جعفر بن يحيى يوما حاجة كان طريقه إليها على باب الأصمعيّ فدفع إلى خادم كيسا فيه ألف دينار وقال: إني سأنزل في رجعتي إلى الأصمعيّ وسيحدّثني ويضحكني فإذا ضحكت فضع الكيس بين يديه، فلما رجع ودخل عليه رأى حبّا «1» مكسور الرأس وجرّة مكسورة العنق وقصعة مشعّبة وجفنة أعشارا ورآه على مصلّى بال وعليه برّكان «2» أجرد فغمز غلامه ألّا يضع الكيس بين يديه ولم يدع الأصمعيّ شيئا مما يضحك الثّكلان إلا أورده عليه فما تبسّم وخرج، فقال لرجل كان يسايره: «من استرعى الذئب ظلم» ، ومن زرع سبخة «3» حصد الفقر، فإني والله لو علمت أن هذا يكتم المعروف بالفعل لما حفلت نشره له باللسان، وأين يقع مدح اللسان من مدح آثار الغنى؛ لأن اللسان قد يكذب والحال لا تكذب. ولله درّ نصيب «4» حيث يقول: [طويل]
فعاجوا فأثنوا بالذي أنت أهله ... ولو سكتوا أثنت عليك الحقائب «5»
ثم قال له: أعلمت أن ناووس أبرويز أمدح لأبرويز من شعر زهير لآل سنان.
قال ربيعة بن أبي عبد الرحمن: رأيت مشيخة بالمدينة في زيّ الفتيان لهم الغدائر وعليهم المورّد والمعصفر «6» وفي أيديهم المخاصر وبها أثر الحنّاء، ودين أحدهم أبعد من الثريّا إذا أريد دينه. ذمّ ابن التوءم رجلا فقال: رأيته