تأمن أن يقول فيك من الشرّ ما ليس فيك. ويقال في بعض كتب الله عزّ وجلّ: عجبا لمن قيل فيه الخير وليس فيه كيف يفرح! ولمن قيل فيه الشرّ وليس فيه كيف يغضب! وأعجب من ذلك من أحبّ نفسه على اليقين وأبغض الناس على الظّنون!. وكان يقال: لا يغلبنّ جهل غيرك بك علمك بنفسك.
وقال أعرابيّ: كفى جهلا أن يمدح المادح بخلاف ما يعرف الممدوح من نفسه، وإنّي والله ما رأيت أعشق للمعروف «1» منه. قال ابن المقفع: إيّاك إذا كنت واليا أن يكون من شأنك حبّ المدح والتزكية وأن يعرف الناس ذلك منك فتكون ثلمة من الثّلم يقتحمون عليك منها، وبابا يفتتحونك منه، وغيبة يغتابونك بها ويضحكون منك لها. واعلم أنّ قابل المدح كمادح نفسه، والمرء جدير أن يكون حبّه المدح هو الذي يحمله على ردّه، فإن الرادّ له ممدوح والقابل له معيب. وقال البعيث «2» : [طويل]
ولست بمفراح إذا الدّهر سرّني ... ولا جازع من صرفه المتقلّب
ولا أتمنّى الشرّ والشّرّ تاركي ... ولكن متى أحمل على الشرّ أركب «3»
ويعتدّه قوم كثير تجارة ... ويمنعني من ذاك ديني ومنصبي
فإنّ مسيري في البلاد ومنزلي ... لبالمنزل الأقصى إذا لم أقرّب
قول الممدوح عند المدحة
حدّثني سهل بن محمد عن الأصمعيّ قال: كان أبو بكر يقول عند المدحة: اللهمّ أنت أعلم بي منّي بنفسي وأنا أعلم بنفسي منهم، اللهم اجعلني خيرا مما يحسبون واغفر لي ما لا يعلمون ولا تؤاخذني بما يقولون.