الخفوت في طاعته
قال بعض الخلفاء لجرير بن يزيد: إني قد أعددتك لأمر. قال: يا أمير المؤمنين، إن الله قد أعدّ لك منّي قلبا معقودا بنصيحتك ويدا مبسوطة بطاعتك وسيفا مشحوذا على عدّوك فإذا شئت فقل.
وفي مثله: قال إسحاق بن إبراهيم قال لي جعفر بن يحيى اغد عليّ لكذا. فقلت: أنا والصبح كفرسي رهان. وفي مثله: أمر بعض الأمراء رجلا بأمر فقال له: أنا أطوع لك من اليد وأذلّ لك من النّعل. وقال آخر: أن أطوع لك من الرّداء وأذلّ لك من الحذاء.
التلطّف في مدحه
قال خالد بن عبد الله القسري «1» لعمر بن عبد العزيز: من كانت الخلافة زانته، فإنك قد زنتها، ومن كانت شرفته فإنك قد شرّفتها، فأنت كما قال القائل:
[خفيف]
وإذا الدّرّ زان حسن وجوه ... كان للدّر حسن وجهك زينا
فقال عمر: أعطي صاحبكم مقولا ولم يعط معقولا.
وكتب بعض الأدباء إلى بعض الوزراء: «إن أمير المؤمنين منذ استخلصك لنفسه فنظر بعينك وسمع بأذنك ونطق بلسانك وأخذ وأعطى بيدك وأورد وأصدر عن رأيك، وكان تفويضه إليك بعد امتحانك وتسليطه الرأي على الهوى فيك بعد أن ميّل بينك وبين الذين سموا لرتبتك وجروا إلى غايتك فأسقطهم مضمارك وخفّوا في ميزانك ولم يزدك رفعة إلا ازددت لله تواضعا، ولا بسطا وإيناسا إلا ازددت له هيبة وإجلالا، ولا تسليطا ونمكينا إلا ازددت