طالب إن منعته بخّلني وإن أعطيته ازدراني، إلا بمؤامرة مني من غير أن تعلمه أنك قد أعلمتني وإن أتاك عالم يستأذن عليّ لعلم يزعم أنه عنده فاسأله: ما علمه ذلك؟ ثم استأذن له فإن العلم كاسمه، ولا تحجبنّ سخطة ولا تأذننّ رضا، أخصص بذلك الملك ولا تخصّ به نفسك» .
الهيثم قال: قال خالد بن عبد الله لحاجبه: «لا تحجبنّ عنّي أحدا إذا أخذت مجلسي، فإن الوالي لا يحجب إلا عن ثلاث: عيّ يكره أن يطّلع عليه منه، أو ريبة، أو بخل فيكره أن يدخل عليه من يسأله» . ومنه أخذ ذلك محمود الورّاق «1» فقال: [طويل]
إذا اعتصم الوالي بإغلاق بابه ... وردّ ذوي الحاجات دون حجابه
ظننت به إحدى ثلاث وربّما ... نزعت بظنّ واقع بصوابه
فقلت به مسّ من العيّ «2» ظاهر ... ففي إذنه للناس إظهار ما به
فإن لم يكن عيّ اللسان فغالب ... من البخل يحمي ما له عن طلابه «3»
فإن لم يكن هذا ولا ذا فريبة ... يصرّ عليها عند إغلاق بابه
وقال بعض الشعراء: [مجزوء المديد]
إعلمن إن كنت تعلمه ... أنّ عرض الملك حاجبه
فبه تبدو محاسنه ... وبه تبدو معايبه
وقال آخر: [سريع]
كم من فتى تحمد أخلاقه ... وتسكن الأحرار في ذمّته
قد كثّر الحاجب أعداءه ... وسلّط الذّمّ على نعمته