responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : عيار الشعر المؤلف : ابن طباطبا العلوي    الجزء : 1  صفحة : 203
أَو تُضَمَّنَ أَشْياءَ تُوجِبُهَا أحْوالُ الزَّمَانِ على اختلافِهِ، وحَوادِثِهِ على تَصَرُّفِهَا، فيكونُ فِيهَا غَرَائبُ مُسْتَحْسَنَةٌ، وعَجَائبُ بَديعَةٌ مُسْتَطْرَفَةٌ من صِفَاتٍ وحِكَاياتٍ ومُخَاطَباتٍ فِي كُلٍّ فَنٍّ توجِبُهُ الحَالُ الَّتِي يُنْشَأ قَوْلُ الشِّعر من أجْلِهَا؛ فَتُدْفَعُ بِهِ العَظَائمُ، وَتُسَلُّ بِهِ السَّخَائمُ، وتُخْلَبُ بِهِ العُقُولُ، وتُسْحَرُ بِهِ الألْبَابُ لما يَشْتَمِلُ عَلَيْهِ من دَقِيقِ اللَّفظ ولَطِيفِ المَعْنَى.
وإذْ قَدَ قَالَتِ الحُكَمَاءُ أنَّ للكَلاَمِ جَسَداً ورُوحاً؛ فَجسَدُهُ النُّطْقُ ورُوحُهُ مَعْنَاه، فَوَاجِبٌ على صَانِعِ الشِّعرِ أنْ يَصنْعَهُ صَنْعَةً مُتْقَنَةً لَطِيفَةً مَقْبُولَةً مُسْتَحْسَنةً مُجْتَلِبَةً لمحبَّةِ السَّامِع لَهُ والنَّاظِر بِعَقْلِهِ إِلَيْهِ، مُسْتَدْعِيَة لعِشْقِ المُتَأمِّل فِي محاسِنِه والمُتَفَرِّسِ فِي بدائعه، فَيُحْسِنُهُ جِسْماً ويُحَقِّقُهُ رُوحاً؛ أَي: يُتْقِنُهُ لَفْظاً ويُبْدِعُهُ مَعْنَى، ويَجْتَنِبُ إخراجَهُ على ضِدِّ هَذِه الصِّفة فَيَكْسوهَا قُبْحاً ويُبْرِزُهُ مَسْخاً؛ بل يُسَوِّي أعْضَاءهُ وزْناً، ويُعَدِّلُ أجزَاءه تأليفاً، ويُحَسِّنُ صُورَتَهُ إصَابةً، ويُكَثِّرُ رَوْنَقَهُ اختصاراً، ويُكَرِّمُ عُنْصُرَهُ صِدقاً، ويُفيدهُ القَبُول رقَّةً، ويُحَصِّنُهُ جَزالةً، ويُدْنيه سَلاسَةً، وينأى بِهِ إعجازاً،

اسم الکتاب : عيار الشعر المؤلف : ابن طباطبا العلوي    الجزء : 1  صفحة : 203
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست