responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : طوق الحمامة المؤلف : ابن حزم    الجزء : 1  صفحة : 250
فلبثن صدراً من النهار ثم تنقلن إلى قصبة كانت في دارنا مشرفة على بستان الدار ويطلع منها على جميع قرطبة وفحوصها، مفتحة الأبواب؛ فصرن ينظرن من خلال الشراجيب وأنا بينهن، فإني لأذكر أني كنت أقصد نحو الباب الذي هي فيه أنساً بقربها متعرضاً للدنو منها، فما هو إلا أن تراني في جوارها فتترك ذلك الباب وتقصد غيره في لطف الحركة، فأتعمد أنا القصد إلى الباب الذي صارت إليه فتعود إلى مثل ذلك الفعل من الزوال إلى غيره؛ وكانت قد علمت كلفي بها ولم يشعر سائر النسوان بما نحن فيه، لأنهن كن عدداً كثيراً، وإذا كلهن ينتقلن من باب إلى باب لسبب الاطلاع من بعض الأبواب على جهات لا يطلع من غيرها عليها، واعلم أن قيافة النساء فيمن يميل إليهن أنفذ من قيافة مدلج في الآثار، ثم نزلن إلى البستان فرغب عجائزنا وكرائمنا إلى سيدتها في سماع غنائها، فأمرتها فأخذت العود وسوته بخفر وخجل لا عهد لي بمثله، وإن الشيء يتضاعف حسنه في عين مستحسنه، ثم اندفعت تغني بأبيات العباس بن الأحنف، حيث يقول: [من البسيط] إني طربت إلى شمس إذا غربت ... كانت مغاربها جوف المقاصير شمس ممثلة في خلق جارية ... كأن أعطافها طي الطوامير ليست من الإنس إلا في مناسبة ... ولا من الجن إلا في التصاوير

اسم الکتاب : طوق الحمامة المؤلف : ابن حزم    الجزء : 1  صفحة : 250
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست