responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : صيد الأفكار في الأدب والأخلاق والحكم والأمثال المؤلف : حسين بن محمد المهدي    الجزء : 1  صفحة : 399
الشهوه او الغفله فهو عاص, اما التكبر على خلق الله فهو عصيان ان لم يكن فيه استخفاف بالشرع قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ (40) } من سورة الاعراف

المتكبرون شرار الناس
إن معصية الكِبر من الكبائر, التي يتحلى بها الأشرار, ويبتعد عنها الأخيار, وفي الحديث النبوي: (أَلا أُخْبِرُكُمْ بِشَرِّ عِبَادِ اللَّهِ؟ الْفَظُّ الْمُسْتَكْبِرُ, أَلا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ عِبَادِ اللَّهِ الضَّعِيفُ الْمُسْتَضْعَفُ ذُو الطِّمْرَيْنِ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لأَبَرَّ اللَّهُ قَسَمَهُ) [1] , فلا تحتقر من لا ناصر له إلا الله ولا تستضعفه تهلك, فربما كان الأشعث الأغبر عند الله أعلى وأشرف, قال علي بن احمد بن أبي حريصة اليماني:
ألا رب ذي طمرين أشعث أغبرا ... خفي عن النظار لم يبغ منظرا
ولو أقسم الحافي الضئيل رداءه ... على الله ذي النعماء أعطى فأكثرا
ولكن زوى الدنيا الدنية دونه ... ليوفيه الحظ الجزيل الموفرا

الكِبر بطر الحق
الكبرياء أداة العطب وعلة البلاء, والظلم سيْما المتكبرين, وخلق الجبارين من الخلق أجمعين, ألا ترى أن الله سبحانه وتعالى حين أمر ملائكته بالسجود لآدم سجدوا خاضعين {إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ} [2] , فكان التواضع والعدل سلوك المتقين, والكبرياء من أخلاق الجاحدين, فمن ظلم الناس, وغمطهم حقهم, واعتدى عليهم, وعصى ربه؛ فهو متكبر لئيم.
وفي الامثال السائرة: الكبر قائد البغض أي ان المتكبر مكروه من الناس, أما من يحب الجمال, ويسعى إلى تحسين مظهره؛ فليس بمتكبر, وفي حديث ابن مسعود: (لا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ, قَالَ رَجُلٌ: إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا وَنَعْلُهُ حَسَنَةً, قَالَ: إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ) [3] ، وبطر الحق: رده, وغمط الناس: احتقارهم, وفي الناس من يسعى إلى تقويم إعوجاج المتكبرين ليرضي الخالق والخلق أجمعين, قال المتلمس:
وَكُنّا إِذا الجَبّارُ صَعَّرَ خَدَّهُ ... أَقَمنا لَهُ مِن مَيلِهِ فَتَقَوَّما

والمعنى: إذا أمال المتكبر خده أذللناه حتى يقوم ميله, فالعاقل يخلع رداء الكبر عنه ليفوز ويظفر, قال عبد الله الأندلسي القحطاني [4] في نونيته:
واخلَع رِداءَ الكِبرِ عَنكَ فَإِنَّهُ ... لا يَستَقِلُّ بِحَملِهِ الكَتِفانِ

[1] - أخرجه أحمد في المسند عن حذيفة بن اليمان حديث (23504) .
[2] - سورة البقرة الآية (34) .
[3] - أخرجه مسلم في صحيحه باب تحريم الكبر وبيانه حديث (131) .
[4] - أبو محمد بن عبد الله بن محمد الأندلسي القحطاني السلفي المالكي, كان فقيها حافظاً جمع تاريخاً لأهل الأندلس وقال أبو سعيد الإدريسي في تاريخ سمرقند أنه كان من أفضل الناس ومن ثقاتهم, وقال السمعاني: كان فقيهاً حافظاً في طلب العلم إلى المشرق والمغرب له (قصيدة نونية مطبوعة) .
اسم الکتاب : صيد الأفكار في الأدب والأخلاق والحكم والأمثال المؤلف : حسين بن محمد المهدي    الجزء : 1  صفحة : 399
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست