responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : صيد الأفكار في الأدب والأخلاق والحكم والأمثال المؤلف : حسين بن محمد المهدي    الجزء : 1  صفحة : 300
مقتضى الإيمان إيثار حُب الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم على حُب ما ذكر وكذلك الجهاد في سبيله، وفي الحديث الذي رواه الشيخان في صحيحيهما والترمذي والنسائي من حديث أنس مرفوعاً: (ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحبَّ إليه مما سواهما، وأن يُحب المرء لا يُحِبُّه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار) [1] , وروى البخاري ومسلم من حديث أنس أيضاً: (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين) [2] .
فمحبة الأوطان من أمور الفطرة التي تتوق إليها نفوس الكرام, فكم شهدنا من صغار الناس وكبارهم شريفهم ووضيعهم ينعتون أوطانهم, ويحنون إليها, ويبكون على أطلالها, ويرحم الله شوقي حيث يقول:
وَطَني لَو شُغِلتُ بِالخُلدِ عَنهُ ... نازَعَتني إِلَيهِ في الخُلدِ نَفسي
وَهَفا بِالفُؤادِ في سَلسَبيلٍ ... ظَمَأٌ لِلسَوادِ مِن عَينِ شَمسِ
شَهِدَ اللَهُ لَم يَغِب عَن جُفوني ... شَخصُهُ ساعَةً وَلَم يَخلُ حِسّي

ولشدة حب الأوطان التي جُبِلَ عليه بنو الإنسان حكى الله عن قومٍ لم يذعنوا لله ويمتثلوا أمره {وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُواْ مِن دِيَارِكُم مَّا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِّنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً} [3] ،عبر عن الوطن بالديار كما هو الاستخدام الشائع في القرآن ومن ذلك قوله تعالى: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} [4] ،وقوله تعالى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [5] وقد يعبر عن الوطن بالدار وإلى ذلك يشير قول الحق تبارك وتعالى: {وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [6] ،فكل أرض يلقا الأنسان فيها رغائبه فهي محببة إليه قال الشاعر:
خير المواطن ما للنفس فيه هوى ... سم الخياط مع الاحباب ميدان
كل الديار إذا فكرت واحدة ... مع الحبيب وكل الناس أخوان (7)

دعائم المواطنه
المواطنة مستمده من الوطن وهو الأقليم من الأرض الذي أتخذته مجموعة من الناس موضع للإقامة والسكن والعيش المشترك في ظل الإنتماء والولاء لهذا الإقليم، وأحقيت كل فرد في التمتع بالحقوق والحريات الإنسانية في

[1] - أخرجه البخاري في صحيحه باب حلاوة الإيمان حديث (16) , ومسلم في صحيحه باب بيان خصال من اتصف بهن وجد حلاوة الإيمان حديث (43) , والترمذي في سننه حديث (2624) , والنسائي في سننه باب طعم الإيمان حديث (4987) .
[2] - أخرجه البخاري في صحيحه باب حب النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الإيمان حديث (15) , ومسلم في صحيحه باب وجوب محبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم حديث (44) .
[3] - سورة النساء الآية (66) .
[4] - سورة الحشر الآية (8) .
[5] - سورة الممتحنة الآية (8) .
[6] - سورة الحشر الآية (9) .
(7) - ورد هذان البيتان في معجم كنوز الأمثال منسوبه إلى إبراهيم الغزي.
اسم الکتاب : صيد الأفكار في الأدب والأخلاق والحكم والأمثال المؤلف : حسين بن محمد المهدي    الجزء : 1  صفحة : 300
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست