اسم الکتاب : صيد الأفكار في الأدب والأخلاق والحكم والأمثال المؤلف : حسين بن محمد المهدي الجزء : 1 صفحة : 30
قال البخاري في باب الاغتباط بالعلم والحكمة: وقد تعلَّم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في كبر سنهم, وروى بسنده عن عبد الله بن مسعود قال: قال الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لا حَسَدَ إِلاَّ فِي اثْنَتَيْنِ رَجُلٍ آتَاهُ اللَّهُ مَالاً فَسَلَّطَهُ عَلَى هَلَكَتِهِ فِي الْحَقِّ وَرَجُلٍ آتَاهُ اللَّهُ حِكْمَةً فَهُوَ يَقْضِي بِهَا وَيُعَلِّمُهَا) [1] , وقد تعلم الصحابة وهم شيوخ وكهول واشتغلوا بالعلم فكانوا بحوراً, بل إنهم كانوا يسلمون شيوخاً وكهولاً وأحداثاً, ويتعلمون العلم والقران والسنن فصاروا أطواد الحكمة والفكر؛ وإن كان العلم في الصغر ارسخ أصولاً وأبسق فروعاً, وفي الأثر: "العلم في الصغر كالنقش في الحجر", وقد أخرجه الحافظ ابن حجر في تخريجه لمسند الفردوس بلفظ: (حفظ الغلام كالرسم في الحجر) وأسنده الديلمي عن ابن عباس، وإن كان بعض العلماء قد ضعفه، وقد قال ابن الجوزي رحمه الله: (أقوم التقويم ما كان في الصغر) ، فأما إذا ترك الولد وطبعه ومشى عليه ومرن كان رده صعباً، قال الشاعر:
إنَّ الغُصُونَ إذا قوَّمتها اعتَدَلَت ... ولا يَلِينَ إذا قَوَّمتَهُ الخُشُبُ
قد ينفعُ الأدَبُ الأحداثَ في مَهَلٍ ... وليس يَنفَعُ عند الكَبرَة الأدَبُ (2)
وقال آخر:
والطفل يحفظ ما يلقى إليه ولا ... ينساه إذ قلبه كالجوهر الصافي
فانقش على قلبه ما شئت من خبر ... فسوف يأتي به من حفظه وافي [1] - أخرجه البخاري صحيحه كتاب العلم باب إنفاق المال في حقه حديث (1320) .
(2) - انظر الطب الروحاني لابن الجوزي: أبو الفرج عبد الرحمن بن علي، تحقيق: أبو هاجر محمد السعيد بن بسيوني زغلول، ص59, الناشر: مكتبة الثقافة الذهبية، القاهرة 1406هـ،
اسم الکتاب : صيد الأفكار في الأدب والأخلاق والحكم والأمثال المؤلف : حسين بن محمد المهدي الجزء : 1 صفحة : 30