responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : صيد الأفكار في الأدب والأخلاق والحكم والأمثال المؤلف : حسين بن محمد المهدي    الجزء : 1  صفحة : 244
ولكن جهاد ونية) [1] , وفي الذكر الحكيم: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً} [2] .
العز والشرف في التنقل
إذا كان في الأسفار بعض المشاق فإن فيها بلوغ ما يتطلبه المشتاق, واكتساب الحِكم والأخلاق, والبحث عن الأرزاق, والحصول على المكاسب التجارية والثقافية, وإرضاء الخالق وأداء الواجب, وإن كان قد ورد في الحديث النبوي: (السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنْ الْعَذَابِ) [3] , فذلك إخبار عمّا كان عليه الحال أو باعتبار المشقة التي تقع على المسافر في بعض الأحوال فالمسافر قد يلاقي الكثير من الأهوال والأخطار والمشقة حتى قال بعضهم: "العذاب قطعة من السفر", فأخذه بعض الشعراء فقال:
كل العذاب قطعة من السفر ... يا رب فارددنا على خير الحضر (4)

وليس في الحديث نهي عن السفر وإنما فيه إخبار عمّا يلاقي الإنسان من المشقة والتعب الذي عبر عنه بالعذاب فالرسول صلى الله عليه وآله وسلم قد سافر إلى الشام بقصد التجارة وسافر بقصد الجهاد وبقصد الحج الذي يعد ركناً من أركان الإسلام بل أن السفر والتنقل لقضاء الحوائج والعظة والاعتبار ولغرض طلب الحلال والتمتع بنعم الله وزيارة الأرحام ... إلخ من أكبر النعم التي تفضل الله بها على الإنسان, وفي الذكر الحكيم: {هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} [5] , {وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُواْ مِنْهُ لَحْماً طَرِيّاً وَتَسْتَخْرِجُواْ مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [6] , {وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِن كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيّاً وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [7] .
وفي ذلك فضل وخير كثير, وشرف وعز كبير, وتعلّم الصناعة والحرف قال الشاعر:
إن العُلَى حدَّثتِني وهي صادقةٌ ... في ما تُحدِّثُ أنَّ العزَّ في النُقَلِ
لو أنَّ في شرفِ المأوى بلوغَ مُنَىً ... لم تبرحِ الشمسُ يوماً دارةَ الحَمَلِ (8)

أما أبو تمام فهو يقول:
وَطولُ مُقامِ المَرءِ في الحَيِّ مُخلِقٌ ... لِديباجَتَيهِ فَاِغتَرِب تَتَجَدَّدِ
فَإِنّي رَأَيتُ الشَمسَ زيدَت مَحَبَّةً ... إِلى الناسِ أَن لَيسَت عَلَيهِم بِسَرمَدِ

[1] - المستدرك على الصحيحين للحاكم كتاب الهجرة حديث (4294) .
[2] - سورة النساء الآية (97) .
[3] - أخرجه البخاري في صحيحه باب السفر قطعة من العذاب حديث (1677) .
(4) - والموسوعة الشعرية ص 330, المستطرف للإبشيهي ج2ص27.
[5] - سورة يونس الآية (22) .
[6] - سورة النحل الآية (14) .
[7] - سورة فاطر الآية (12) .
(8) - انظر ديوان الطغرائي.
اسم الکتاب : صيد الأفكار في الأدب والأخلاق والحكم والأمثال المؤلف : حسين بن محمد المهدي    الجزء : 1  صفحة : 244
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست