responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شعر الفتوح الإسلامية في صدر الإسلام المؤلف : النعمان عبد المتعال القاضي    الجزء : 1  صفحة : 28
أخذ الإيمان بمجامع قلوبهم، فجمع بينهم بما سن من نظم روحية واجتماعية، دفعت في أفئدتهم قوة معنوية عظيمة، وحفزتهم للاندفاع إلى ما وراء تخومهم ومواجهة الفرس والروم في أعقار دورهما، وهذه القوة المعنوية هي أساس الظفر في كل نضال، فصاحبها لا يعرف الهزيمة ولا يرضاها ويستهين بكل صعب، بل يستهين بالحياة نفسها في سبيل الظفر بالغاية التي يريد بلوغها.
بهذه القوة اندفع العرب لقتال الفرس والروم، لا حبا في الغزو وتهافتا على مغانمه، وإرضاء لهوى القتال الكمين في طباعهم -كما يحاول المغرضون أن يصوروا هذا الاندفاع- وإنما جهادًا في سبيل الله، يدفعهم إليه الإيمان الصادق بالعقيدة السليمة، والقوة العاتية التي بثها فيهم الإسلام، فحببت إليهم الاستشهاد في سبيل الله، وفي سبيل الدعوة إلى الحق الذي أوحاه إلى رسوله، فانطلقوا على رغبة وحنين إلى الجنة، وباستهانة نادرة بالحياة يتمثلون الآخرة بنعيمها وظلالها، وكأنما يرونها رأي العين، ويطيرون إليها متغنين بما وعدوا من جنان تحت ظلال السيوف، وآخرة هي خير وأبقى، بأن الله اشترى منهم أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيله فيَقتلون ويُقتلون، وبأن الذين يُقتلون في سبيل الله ليسوا أمواتًا بل أحياء عند ربهم يرزقون، فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم.
انطلقوا وملء ذاكرتهم تجارب هائلة، كان النصر فيها حليفهم في مواطن كثيرة، أظهرهم الله فيها على أعدائه وأعدائهم، حتى خلص لهم وجه بلاد العرب، وأنالهم رقاب المرتدين، فأعدوا الأمر إلى نصابه في بأس وحزم. وها هم يجدون ريح الجنة، ويتمنون الشهادة في سبيلها، ويترقبون اللحظة التي ينطلقون فيها نحو تخومهم؛ ليحملوا إلى العرب في الأطراف وإلى من وراءهم من العالمين هذه الدعوة التي لا يستطيعون الانطواء عليها وحدهم، وهي تتضوأ بدفئها ونورها في مواطن اعتقادهم، وقد أدركوا أنهم ورثة هذا النبي الذي بعث فيهم إلى الناس كافة، يهدونهم بهديه إلى ما اهتدوا إليه، وما ارتضوا لأنفسهم، فعليهم وحدهم يقع هذا العبء، وما عليهم -لكي يقوموا برسالتهم- إلا أن يقطعوا هذه الطرق التي طالما قطعوها من قبل تجارًا يحملون

اسم الکتاب : شعر الفتوح الإسلامية في صدر الإسلام المؤلف : النعمان عبد المتعال القاضي    الجزء : 1  صفحة : 28
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست