responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شعر الفتوح الإسلامية في صدر الإسلام المؤلف : النعمان عبد المتعال القاضي    الجزء : 1  صفحة : 268
فهو يعني: إحاطته سبحانه وتعالى بالخلق، وكأنه ينظر في قوله عز وجل على لسان نوح عليه السلام لابنه حين قال: {قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ} [هود: 43] .
وينتهي ليذكر الفاتحين التي أجراها الله على أيديهم، في إزالتهم ملك فارس فيقول:
يأيها الناس هل ترون إلى ... فارس بادت وجدها رغما
أمسوا عبيدًا يرعون شاءكم ... كأنما كان ملكهم حلما
أو سبأ الحاضرين مأرب إذ ... يبنون من دون سيله العرما1
وآية هذا أن طوابع إسلامية قد طبعت الشعر الإسلامي في الفتوح من جراء صدوره في ظروف أثرت في شكله، ونزعت به إلى التخفف من المقدمات الغزلية والطللية، التي لا تتلاءم مع ما يتحمل الفاتحون من مسئوليات سامية وجادة، وما هم مشتغلون به عما سواه. وقد أتاح هذا للرجز أن يصبح قالبًا من قوالب الشعر، يتحمل موضوعات القصائد.
وكان من أبرز الطوابع التي طبعت المضمون الشعري صدور الشعر عن روح الجماعة الإسلامية، وعن وجدانها الجماعي، الذي استنفد القوميات المحلية والعصبيات القبلية وصاغها صياغة جديدة، في إطار جديد. كما صدر الشعر عن المثل الإسلامية الرفيعة، وعُنِيَ بنقلها، وصور تطبيق النظم الإسلامية في الأمصار الجديدة.
كذلك طبع الشعر بمثل ما طبعت به النفوس المؤمنة من المشاعر الدينية، والأحاسيس الروحية السامية، التي تجلت في الإيمان العميق بالله، والحرص على الفوز بما وعد، والاستسلام لقضائه، وما بثه الإسلام في العرب من اعتزاز بأنفسهم تضاءلت أمامه هيبة الدول، التي تسلطت عليهم بالأمس فأدالوها وسادوها، بما دفعه الإسلام فيهم من روح جديدة، أكدت لهم ضرورة هدايتهم العالمين إلى ما هداهم به ربهم.
وقد اصطبغ الشعر في ألوانه وضروبه جميعًا بصبغ إسلامي، واضح في معانيه وتعبيراته وألفاظه، وكان من أبرز هذه الطوابع الإسلامية ما حاوله بعض الشعراء من محاكاة المعاني الإسلامية، والتعاليم الدينية وآيات القرآن الكريم.

1 أسد الغابة ج5، ص3، ابن قتيبة ج1/ 253.
اسم الکتاب : شعر الفتوح الإسلامية في صدر الإسلام المؤلف : النعمان عبد المتعال القاضي    الجزء : 1  صفحة : 268
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست