اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 88
أي لست بقليل من الرجال ولا صغير المقدار يقال هذا رجل دون ورأيت رجلا دونا ومررت برجل دون يقول ليست خسيسا فيرتجى الغيث دونه ولا يرتجى أنت ليس وراءك للجود منتهى والمعنى أن الجود مقصور عليك لا يرتجى الجود دونك ولا يتجاوز عنك كما قال بعضهم، ما قصر الجود عنكم يا بني مطر، ولا تجاوزكم يا آل مسعود، يحل حيث حللتم لا يفارقكم، ما عاقب الدهر بين البيض والسود، وقال أشجع السلمي، فما خلفه لامرء مطمع، ولا دونه لامرء مقنع، وقال الطاءي، إليك تناهى المجد من كل وجهة، يصير فما يعدوك حيث تصير، وزاد أبو الطيب على هذا المعنى فأساء العبارة ورفع خلف لأنه جعله اسما لا ظرفا
ولا واحدا في ذا الورى من جماعة ... ولا البعض من كل ولكنك الضعف
يقول لست واحدا من جماعة الناس ولا بعضا من كلهم ولكنك ضعف جميعهم أي أنت تغني غناءهم وتزيد عليهم زيادة ضعف الشيء على الشيء
ولا الضعف حتى يتبع الضعف ضعفه ... ولا ضعف ضعف الضعف بل مثله ألف
يقول لست أيضا ضعف الورى حتى يكون ذلك الضعف ضعفين ثم تزيد على ذلك بأضعافٍ كثيرة حتى تبلغ الفا والمعنى أنك فوق الورى بكثير ونصب مثله لأنه نعت نكرة قدم عليها كما قال، لسلمى موحشا طلل، يلوح كأنه خلل،
أقاضينا هذا الذي أنت أهله ... غلطت ولا الثلثان هذا ولا النصف
يقول أنت أهل لما اثنيت به عليك ثم قال غلطت ليس هذا ثلثي ما أنت أهله ولا نصفه
وذنبي تقصيري وما جئت مادحا ... بذنبي ولكن جئت أسأل أن تعفو
يقول تقصيري في مدحك ذنب والذنب لا يمدح به ولكن يستعفي عنه وقال يمدح عليّ بن منصور الحاجب
بابي الشموس الجانحات غواربا ... اللابسات من الحرير جلاببا
كنى بالشموس عن النساء والجاناحات المائلات وكنى بالغروب عن بعدهن يريد أنهن ملن عنا للبعد وقال ابن جنى غوارب قد غبن في الخدور والأول أجود لأنه لما سماهن شموسا كنى عن بعدهن بالغروب لأن بعد الشمس عن العيون يكون بالغروب والجلباب الخمار
المنهبات قلوبنا وعقولنا ... وجناتهن الناهبات الناهبا
يقال انهبته الشيء إذا جعلته نهبا له يقول أنهبن وجوههن قلوبنا وعقولنا حتى نهبتها بحسنهن ثم وصف تلك الوجنات بأنها تنهب الناهب أي الرجل الشجاع المغوار ومن رفع وجناتهن فهي فاعلة المنهبات والمعنى اللاتي انهبت وجناتهن قلوبنا فيكون قد اقتصر على ذكر مفعول واحد
الناعمات القاتلات المحييا ... ت المبديات من الدلال غرائبا
الناعمات اللينات المفاصل القاتلات بهجرهن المحييات بوصلهن والدلال أن يثق الانسان بمحبة صاحبه فيجترىء عليه
حاولن تفديتي وخفن مراقبا ... فوضعن أيديهن فوق ترائبا
حاولن طلبن أن قلن لي نفديك بأنفسنا وخفن الرقيب فنقلن التفدية من القول إلى الإشارة أي أن انفسنا تفديك وهذا معنى قول ابن جنى أشرن إلى من بعيد ولم يجهرن بالسلام والتحية خوف الوشاة والرقباء جعل ابن جنى هذه الإشارة تحيةً وتسليما والأولى أن يكون على ما ذكرناه لذكره التفدية في البيت ولم يقل حاولن تسليمي ولأن الإشارة بالسلام لا تكون بوضع اليد على الصدر قال ابن فورجة وضع اليد على الصدر لا يكون إشارة بالسلام وإنما أراد وضعن أيديهن فوق ترائبهن تسكينا للقلوب من الوجيب وليس كما قال وصدر البيت ينقض ما قاله
وبسمن عن بردٍ خشيت أذيبه ... من حر أنفاسي فكنت الذائبا
يعني بالبرد اسنانهن التي تشبه في نقائها البرد والمعنى ذبت أسفا على فراقن بعد أن كنت أخشى الذوب على ثغورهن
يا حبذا المتحملون وحبذا ... وادٍ لثمت به الغزالة كاعبا
الغزالة من اسماء الشمس كنى بها عن الحبيبة أخبر أنها كانت كاعبا حين لثمها
كيف الرجاء من الخطوب تخلصا ... من بعد أن أنشبن في مخالبا
نص تخلصا بالمصدر ون كان فيه الألف واللام كما انشد سيبويه، ضعيف النكاية أعداء، يخال الفرار يراخي الأجل، وانشبن علقن
أوحدنني ووجدن حزنا واحداً ... متناهيا فجعلنه لي صاحبا
أي أفردنني ممن أحب يعني الخطوب وقرنني بالحزن الذي هو واحد الأحزان وهو حزن الفراق
ونصبنني غرض الرماة تصيبني ... محن أحد من السيوف مضاربا
أظمتني الدنيا فلما جئتها ... مستسقيا مطرت على مصائبا
اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 88