اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 59
القريض جرة البعير يشبه الشعر في ترديد الشاعر أياه منشئا ومنشدا به يقول لاذ الشعر بكنفي من أن أمدح به غيرك وسواءك بمعنى سواك إذا كسرت السين قصرت وإذا فتحت مدت
وذكى رائحة الرياض كلامها ... تبغي الثناء على الحيا فتفوح
يقول الرائحة الطيبة من الرياض بمنزلة الكلام لها تطلب بذلك إن تثنى على المطر الذي أحياها فتفوح روائحها بالثناء على المطر وهذا من قول ابن الرومي، شكرت نعمة الولي على الوسمي ثم العهاد بعد العهاد، فهي تثنى على السماء ثناء، طيب النشر شائعا في البلاد، من نسيم كأن مسراه في الخيشوم مسرى الأرواح في الأجساد، ثم أخذه السري الموصلي فقال، وكنت كروضةٍ سقيت سحابا، فأثنت بالنسيم على السحاب،
جهد المقل فكيف بابن كريمة ... توليه خيراً واللسان فصيح
يقول ذلك من الرياض جهد المقل لأنها لا تملك النطق ولا تقدر من شكر السحاب إلا على ما يفوح منها من الروائح الطيبة فكيف ظنك بابن كريمة يعني نفسه تحسن إليه وله لسان فصيح وقدرة على الثناء أي أنه لا يترك شكرك والثناء وقال أيضا يمدح مساور بن الرومي
أمساور أم قرن شمس هذا ... أم ليث غاب يقدم الأستاذا
قدم يقدم إذا تقدم ومنه قوله تعالى يقدم قومه والوزير عندهم يسمى الأستاذ شبهه فيحسنه بقرن الشمس وفي شجاعته بليث الغاب وكان يتقدم الوزير
شم ما انتضيت فقد تركت ذبابه ... قطعاً وقد ترك العباد جذاذا
يقول أغمد سيفك الذي سللته من الغمد فقد فللت حد ظرفه بكثرة استعمالك إياه وقد ترك سيفك الناس قطعا والجذاذ هي القطعة المنكسرة والجذاذ بالكسر جمع الجذيذ وهو المجذوذ المقطوع
هبك ابن يزداذٍ حطمت وصحبه ... أترى الورى أصحوا بنى يزداذا
يقول أعمل على أنك هزمت عدوك هذا وأصحابه اتظن الناس كلهم بنى يزداذ فتعاملهم معاملتهم إياهم ثم ذكر ما عاملهم به فقال
غادرت أوجههم بحيث لقيتهم ... أقفاءهم وكبودهم افلاذا
يقول هزمتهم حتى ادبروا فولوك اقفاءهم حتى قامت مقام وجوههم في استقبالك ويجوز أن يكون المعنى طمست وجوهه بالضرب حنى صارت كالاقفاء وتركت اكبادهم قطعا صغارا والأفلاذ جمع فالذرهو القطعة من الكبد ومنه قول الأعشى، تكفيه حزة فلذٍ إن ألم بها، البيت
في موقفٍ وقف الحمام عليهم ... في ضنطه واستحوذ استحواذا
يقول كان هذا الفعل منك في معركةٍ ضيقة وقف الموت عليهم فحبسهم في ضيقها وغلبهم حتى قتلهم جميعا
جمدت نفوسهم فلما جئتها ... أجريتها وسقيتها الفولاذا
قيل في جمدت نفوسهم أقوال أحدها أنها جمدت خوفا منه والخوف يجدم الدم وعلى هذا يتأول قول الشاعر، فلو أنا على حجرٍ ذبحنا، جرى الديمان بالخبر اليقين، أي أن دمي يسيل لأني شجاع ودمك لا يسيل لأنك جبان والثاني أن دماءهم كانت محقونة فلما جئتها ابحتها بسيوفك فجعل حقنها الجمود إذ كان يذكر بعده الإجراء وقال ابن جنى يعني قست قلوبهم وصبوا وشجعوا فاشتدوا كالشيء الجامد وقوله اجريتها أي أسلت دماءهم على الحديد فصارت بمنزلة الماء الذي يسقاه الفولاذ
لما رأوك رأوا أباك محمداً ... في جوشن وأخا أبيك معاذا
يقول لما رأوك رأوا أباك وعمك لأنك تشبههما فلصحة شبهك بهما كأنهم رأوهما
أعجلت ألسنهم بضرب رقابهم ... عن قولهم لا فارس إلا ذا
يقول لما رأوك ورأوا شجاعتك أرادوا أن يقولوا لا أحد يصلح للفروسية غير هذا لكنك قتلتهم فلم يقدروا على هذا القول والمعنى لو أمهلهم سيفك لأقروا بأنك فرد الزمان
غر طلعت عليه طلعة عارضٍ ... مطر المنايا وابلا ورذاذا
يعني بالغر ابن يزداذ يقول كان غافلا عنك حتى طلعت عليه كما يطلع السحاب ولما جعله كالسحاب جعل ما فرقه فيهم من المنايا كالمطر وابلا وهو الكبار القطر ورذاذا وهو الصغار
فغدا أسيراً قد بللت ثيابه ... بدمٍ وبل ببوله الأفخاذا
يريد أنه تلطخ بالدم والبول جميعا
سدت عليه المشرفية طرقه ... فانصاع لا حلبا ولا بغداذا
انصاع مطاوع صعته فانصاع أي ثنيته فانثنى ومنه قول الشاعر، يصوع عنوقها أحوى زنيمٌ، والمشرفية السيوف المنسوبة إلى مشارف اليمن وهي قرى هناك تعمل بها السيوف يقول انهزم فلم يقصد الشام ولا العراق لأن سيوفك أخذت عليه هذه الطرق
اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 59