اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 50
عازر اسم رجل أحياه الله تعالى بعداء عيسى عليه السلام يقول لو كان مقتولا بسيفه في الحرب لأعجز عيسى إحياءه وهذا جعل وافراطلإ نعوذ بالله من الغلو
او كان لج البحر مثل يمينه ... ما انشق حتى جاز فيه موسى
وهذا أيضا من الإفراد والغلو كالذي قبله
أو كان للنيران ضوء جبينه ... عبدت فصار العالمون مجوسا
لما سمعت به سمعت بواحدٍ ... ورأيته فرأيت منه خميسا
يعني أنه يقوم بنفسه مقام جماعة ويغنى غناءهم كما قال أبو تمام، لو لم يقد جحفلاً يوم الوغى لغدا، من نفسه وحدها في جحفلٍ لجب،
ولحظت أنمله فسلن مواهباً ... ولمست منصله فسال نفوسا
لحظ الأنامل كناية عن الاستمطار ولمس المنصل كناية عن الاستنصار يقول تعرضت لعطائه فسالت بالمواهب أنامله وتعرضت لاعانته أياي فسال سيفه بنفوس أعداءي وأرواحهم لأنه قتلهم
يا من نلوذ من الزمان بظله ... أبداً ونطرد باسمه إبليسا
يقول إذا اصابتنا شدة من الزمن لذنا به ليكفينا ذلك أي نهرب إلى ظله وجواره من جور الزمان وإذا ذكرنا أسمه طردنا عنها أبليس لنه يخافه ويهرب
صدر المخبر عنك دونك وصفه ... من بالعراق يراك في طرسوسا
أي الذي أخبر عنك بالمدح والثناء صدق ووصفه لك دون ما يستحقه وتم الكلام ثم قال من بالعراق يراك في طرسوس أي لميله إليك ومحبته أياك كأنه يراك كما قال كثير، أريد لأنسى ذكرها فكأنما، تمثل لي ليلى بكل سبيل، وكما قال أبو نواس، ملك تصور في القلوب مثاله فكأنه لم يخل منه مكان، وإما لن آثاره ظاهرة بالعراق وذكره شائع بها فكان من بها يراه وهو بطرسوس وقد قصر في هذا الوجه حيث اقتصر على من بالعراق وقد استوفاه في موضع آخر فقال، هذا الذي أبصرت منه حاضراً، مثل الذي أبصرت منه غائباً، يقول إذا حضرته ابصرت منه ما تبصر منه على الغيبة عنه لأن آثاره وإحسانه قد بلغ كل موضع
يقول طرسوس بلد أنت به مقيم وذكرك سائر في البلاد كلها والمقيل القيلولة وقد يكون أسم الموضع والتعريس النزول في آخر الليل يقول ذكرك سائر أبداً لا ينزل ليلا ولا نهاراً وأراد يشنأ مهموزا فابدل الهمزة ألفا وهو من شنأت أي أبغضت وهذا البيت يدل على المعنى الثاني في الذي قبله
فإذا طلبت فريسةً فارقته ... وإذا خدرت تخذته عريسا
جعله كالأسد وجعل بلده كالأجمة للأسد والفريسة ما يفترسه الأسد من صيد يصيده ويقال خدر الأسد واخدر الأسد إذا غاب في الأجمة فهو خادر ومخدر وقال الراجز، كالأسد الورد غدى من مخدره، وقالت ليلى الأخيلية، فتًى كان أحيى من فتاة حييةٍ، وأشجع من ليث اردت الغزو وأن تطأ سائر الممالك فارقت بالدك كالأسد إذا طلب الصيد
إني نثرت عليك درا فانتقد ... كثر المدلس فاحذر التدليسا
يقال نقدت الرجل الدراهم والدنانير إذا اعطيته أياها فانتقدها أي أخذها هذا هو الأكثر في استعمال العرب فقد يستعملان في تمييز الجياد ونفى الزيوف يقال نقد كلامه وانتقده وكذلك في الدراهم والدنانير وهذا الذي أراده المتنبي وشبه شعره الذي مدحه به بدرٍ نثره عليه والتدليس اخفاء العيب في السلعة يقول كثر المدلسون من الذين يبيعون الشعر فاحذر تدليسهم عليك وانتقد ما نثرت من در الشعر عليك لتعرف جيد الشعر من رديه
حجبتها عن أهل انطاكيةٍ ... وجلوتها لك فاجتليت عروسا
جعل قصيدته التي مدحه بها كالعروس يقول حجبتها عن أهل هذه البلدة أي لم أمدحهم بها ثم أظهرتها لك وعرضتها عليك كما تعرض العروس وتجلى على الزوج فاجتليتها أي نظرت إليها وقوله عروسا يجوز أن يكون حالا للقصيدة ويجوز أن يكون حالا للممدوح لأن العرب تسمى المرأة والرجل العروس عند الزفاف
خير الطيور على القصور وشرها ... يأوي الخراب ويسكن الناووسا
هذا مثل يقول خير الشعر ما يقصد به مدح الملوك كالبزاة التي تطير إلى قصور الملوك وشر الشعر ما يمدح به اللئام والأراذل كالطيور التي تأوى إلى الخرابات ونواويس المجوس والمعنى أنت خير الناس وكلامي خير الكلام فأنت أولى به
لو جادت الدنيا فدتك بأهلها ... أو جاهدت كتبت عليك حبيسا
اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 50