اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 42
يقول قبلته اضطرارا لا اختيارا كالأسد يرضى بأكل الجيف إذا لم يجد غيرها لحما وهذا من قول المهلبي، ما كنت إلا كلحم ميتٍ، دعى إلى أكله اضطرار، ومثله لأبي عليّ البصير، لمر أبيك ما نسب المعلي، إلى كرمٍ وفي الدنيا كريم، ولكن البلاد إذا اقشعرت، وصوح نبتها رعى الهشيم، ومثله قول الآخر، فلا تحمدوني في الزيارة أنني، أزوركم إذ لا أرى متعللا، وأبو دلف هذا كان صديق المتنبي بره وهو في سجن الوالي الذي كتب إليه، أيا خدد الله ورد الخدود،
كن أيها السجن كيف شئت فقد ... وطنت للموت نفس معترف
المعترف والعروف الصابر على ما يصيبه يقول للسجن كن كيف شئت من الشدة فإني صابر عليه
لو كان سكناي فيك منقصةً ... لم يكن الدر ساكن الصدف
السكني اسم بمعنى السكون يقول لو كان نزولي فيك يلحق بي نقصا لما كان الدر مع كبر قدره في الصدف الذي لا قيمة له جعل نفسه في السجن كالدر في الصدف وقال في صباه وقد وشى به قوم إلى السلطان حتى حبسه فكتب إليه وهو في السجن يمدحه ويبرأ إليه مما رُمي به
أي خدد الله ورد الخدود ... وقد قدود الحسان القدود
التخديد الشق والقد القطع طولاء دعاء على ورد الخدود بأن يشققه الله تعالى فيزول حسنه وأن يقطع القدود الحسان لما ذكر بعد هذا وقوم يقولون العرب إذا استحسنت شيئا دعت عليه صرفا للعين عنه كقول جميل، رمى الله في عيني بثينة بالقذى، وفي الغر من أنيابها بالقوادح، وهذا المذهب بعيد من بيت المتنبي لأنه أخرجه من معرض المجازاة لما ذكر فيما بعده أي فجازاهن الله بالتخديد والقد جزاء لما صنعن بين وههنا مذهب ثالث وهو أنه إنما دعي عليها لأن تلك المحاسن تيمته فإذا زالت زال وجده بها وصلت له السلوة كما قال أبو حفص الشهرزوري، دعت على ثغرة بالقلح، وفي شعر طرته بالجلح، لعل غرامي به أن يقل، فقد برحت بي تلك الملح،
فهن أسلن دما مقلني ... وعذبن قلبي بطول الصدود
أي هن ابكين عيني حتى سالت بالدمد
وكم للهوى من فتى مدنف ... وكم للنوى من قتيلٍ شهيد
فوا حسرتا ما أمر الفراق ... وأعلق نيرانه بالكبود
يتحسر على ما فاته من لقاء الاحبة فيما يجد من مرارة الفراق
وأعرى الصبابة بالعاشقين ... وأقتلها للمحب العميد
أي ما أولع الصبابة بهم من قولهم غري بالشيء إذا لصق به والعميد مثل المعمود
وألهج نفسي لغير الخنا ... بحب ذوات اللمى والنهودِ
يقال لهج بالشيء يلهج به لهجا إذا ولع به واللمى سمرة في الشقة والنهود خروج ثدي الجارية عند البلوغ يقول ما الهد نفسي بحب السمر الشفاه الناهدات لغير الخناء أي لغير الفحش والفجور
فكانت وكن فداء الأمير ... ولا زال من نعمةٍ في مزيد
عذاء على سبيل الدعاء يقول كانت نفسي واحبائي اللاتي وصفهن فداء له
لقد حال بالسيف دون الوعيد ... وحالت عطاياه دون الوعود
يقول لا وعيد عنده للاعداء وإنما يناجزهم بالسيف ولاوعد عنده للأولياء إنما يلقاهم بالسيب والعطاء فهو يعجل ما ينوي فعله فإذن سيفه حال بينه وبين الوعيد وسيبه بحصوله عاجلا حال بينه وبين الوعود
فأنجم أمواله في النحوس ... وأنجم سؤاله في السعودِ
حكم على أمواله بالنحوسة لتفريقه أياها وتباعده منها ولسائليه بالسعادة لإكرامه إياهم وبذله لهم ما يتمنون ويقترحون عليه وهذا من قول الطاءي، طلعت على الأموال أنحس مطلع فغدت على الآمال وهي سعود،
ولو لم أخف غير أعدائه ... عليه لبشرته بالخلود
رواية الأستاذ أبي بكر عين اعدائه وقال إنما خاف عليه أن يصيبه أعداؤه بالعين وهذا ليس بشيء لأن الاصابة بالعين قد تكون من جهة الولي والصحيح ولو لم أخف غير اعدائه والمعنى أني أخاف عليه الدهر وحوادثه التي لا يسلم عليها أحد فإما اعداؤه فإنهم لا يصلون إليه بسوء
رمى حلبا بنواصي الخيول ... وسمرٍ يرقن دماً في الصعيد
ويروى بنواصي الجياد يعني وجه إليه العسكر ورماحها تريق دماء اعدائه على الأرض
وبيضٍ مسافرةٍ ما يقم ... ن لا في الرقاب ولا في الغمود
اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 42