اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 394
لا أن يكون هكذا مقالي ... فتًى بنيرانِ الحروبِ صالي
اراد لا أن يكون هكذا مقالي لها بأن اتظلم منها فحذف لها للعلم به والاختصار كام تقول ما أجدر زيدا بأن يقوم إليك لا أن تقوم تريد إليه فتحذفه ثم أخبر عن نفسه فقال فتى أي أنا فتى أصلي بنار الحرب أي أقاسي شدائدها
منها شرابي وبها اغتسالي ... لا تخطر الفحشاء لي يببالي
يريد من ماء الحرب أشرب وبمائها اغتسل يعني مخالطته إياها وانغماسه فيها ويريد بالفحشاء الزنا يقول لا تخطر ببالي هذه الفعلة القبيحة ولا أحدث بها نفسي
لو جذب الزراد من أذيالي ... مخيراً لي صنعتي سربالِ
ما سمته زرداً سوى سروالِ ... وكيف لا وإنما إدلالي
يقول لو أخبرني الزراد فكنى بجذب الذيل عن الأخبار لأنه ربما يجذب ثوب الإنسان إذا أريد إخباره بشيء أي لو خيرني بين صنعتي سربال أي درع من السابغة والبدن لم اختر احدهما وإنما اختار السروال يشير إلى أن سيفه درعه وهو يحمي به بدنه وإنما حاجته أن يحصن عورته وهذه طريقة المتنبي يترفع عن معاشرة النساء كبرا وتعففا ثم قال كيف لا أرغب عن ضنعتي الدرع وأنا متحصن بالممدوح والسروال عند بعضهم واحد والسراويل جمعٌ وأما سيبويه فقد قال هما شيء واحد اعجمي عربَ إلا أن السراويل أشبه الجمع الذي لا ينصرف فلم يصرف والإدلال الفخر والتيه يقال فلان مدل بكذا
بفارس المجروح والشمالِ ... أبي شجاعٍ قاتلِ الأبطالِ
المجروح والشمال أسمان لفرسين كانا لعضد الدولة
ساقي كؤوس الموت والجريال ... لما أصاب القفص أمس الخالي
الجريال ههنا الخمر يريد أنه يسقي اعداءه كؤوس الموت واولياءه كؤوس الخمر والقفص جيل من الناس يقول لما أفناهم فصيرهم في الهلاك كامس الدابر
وقتل الكرد عن القتالِ ... حتى اتقت بالفرٍّ والإجفالِ
قتلهم ذللهم ومنه قول امرىء القيس، في أعشار قلبٍ مقتلِ، أي مذلل ويقال أيضا شراب مقتل إذا سكنت سورته بالماء والمعنى منعهم عن ان يقاتلوا حتى اتقوا بالفرار منه والاسراع بين يديه هربا
فهالك وطائع وجالِ ... فاقتنص الفرسانَ بالعوالي
أراد فمنهم هالك ومنهم من اطاعه فنجا ومنهم من خرج عن داره خوفا منه وصاد فرسان الأعداء بالرماح
والعتق المحدثة الصقالِ ... سار لصيد الوحشِ في الجبالِ
يريد السيوف القديمة الصنعة الجديدة الصقل يقول لما فعل هذا وفرغ منه قصد الطرد الذي هو باب من الهزل واللعب وسار جواب قولهلما أصاب يقول سار للصيد وهو يطأ الدم إينما ذهب لكثرة ما قتل
وفي رقاق الأرض والرمالِ ... على دماء الإنسِ والأوصالِ
رقاق الأرض جمع رقيق اللينة والأوصال الأعضاء
منفردَ المهرِ عن الرعالِ ... من عظمِ الهمةِ لا الملالِ
الرعال جمع رعلة وهي القطعة من الخيل يقول سار منفردا عن جيشه لا يريد أن يسايره أحد وإنما كان يفعله لعظم همته لا للملالة عنهم
وشدة الضن لا الاستبدال ... لم يتحركن سوى انسلالِ
أي وضنا بنفسه عن صحبتهم يفعل ذلك لا أنه يريد أن يستبدل بهم غيرهم وإذا وقفت الخيل بين يديه لم تتحرك هيبةً له والإنسلال مصدر قولك انسل أي خرج من بين أصحابه في خفية ومثله التسلل ومنه قوله تعالى يتسللون منكم لواذاً
فهن يضربن على التصهالِ ... كل عليلٍ فوقها مختالِ
يقول والخيل تضرب على الصهل تأديبا لها وفوقها كل رجلٍ عليل في سكونه وتصاغره هيبةً لعضد الدولة وهو في نفسه وهمته مختال
يمسك فاه خشية السعالِ ... من مطلعِ الشمس إلى الزوالِ
يقول وليس يسعل هيبةً وقد طال مقامه من الغداة إلى الزال يصف عسكره بالوقار اجلالا له
فلم يئل ما طار غير آلِ ... وما عدا فانغل في الأدغالِ
يقول لم ينج من الطير ما طار ولم يقصر من طيرانه فكيف ينجو من قصر ولم ينج أيضا ما عدا من الوحش فدخل واستتر بالأدغال وهي الأشجار الملتفة
وما احتمى بالماء والدحالِ ... من الحرامِ اللحمِ والحلالِ
يقول لم ينج أيضا ما تحصن بالماء وشوق الأودية مما يحل أكله ومما لا يحل والحدل كالهوة في الأرض
إن النفوس عدد الآجالِ ... سقياً لدشت الأرزنِ الطوالِ
اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 394