اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 391
يقول ليس الأمر على ما ظن من القود بل لحقتني غشية وهي همدة لا رقدة فجئتني في خلال تلك الغشية والمراد أنه لم ينم وإنما يزور الخيال النائم وكان من حقه أن يقول قاصدا لأنه حال ضمير الفاعل في جئتني إلا أن مثل هذا يجوز في الوقف لضرورة الشعر كما قال، وآخذُ من كلِّ حيٍّ عصمْ،
عد وأعدها فحبذا تلفٌ ... ألصق ثديي بثديها الناهدْ
يقول للخيال عد وأعد الغشية التي لقحتني وإن كان فيها تلفي فحبذا تلف كان سببا لقربك ومعانقتك وكان ن حقه أن يقول للغشية عودي وأعيدي الخيال لأن الغشية كانت سبب زيارة الخيال لا الخيال سبب لحاق الغشية ولكنه قلب الكلام في غير موضع القلب
وجدت فيه بما يشح به ... من الشتيت المؤشر الباردْ
وجدت أيها الخيال في ذلك التلف بما يبخل به مولاك من تقبيل الثغر المتفرق الذي فيه أشر وتحزيز يريد أنه قبل الطيف وارتشف ريقه
إذا خيالاته أطفن بنا ... أضحكهُ أنني لها حامدْ
يقول إذا طافت خيالات الحبيب بين وحمدت زيارتها أضحك الحبيب ذلك الحمد لأن الخيال في الحقيقة ليس بشيء ألا تراه قال
وقال إن كان قد قضى أرباً ... منا فما بال شوقهِ زائدْ
وقال الحبيب أن إدرك حاجته منا بزيارة الخيال فلم زاد شوقه إلينا
لا أجحد الفضل ربما فعلت ... ما لم يكن فاعلا ولا واعدْ
يقول وعلى هذا لا أجحد الخيالات لأنها فعلت من الزيارة ما لم يفعل الحبيب ولم يعده
ما تعرف العين فرق بينهما ... كل خيالٌ وصاله نافدْ
قال ابن جنى أي لا فرق بينهما وبين طيفها وكلاهما خيالٌ لأن كل شيء إلى نفاد وفناء ما خلا الله عز وجل قال ابن فورجة هذه موعظة وتذكر ولم يقل أبو الطيب كل شيء نافد ما خلا الله تعالى وإما يقول هذه المرأة لو واصلت لم تدم الوصال كما أن خيالها إذا واصل كان ذلك لحظةً فأما قوله كل خيال فهو الذي غلط ابن جنى وكلفه إيراد ما أورد وإنما عني بكل كلا منهما يعني من المذكورين وليس من العموم ويمنع من ذلك أنه في تشبيبٍ وغزل وأقبح الغزل ما وعض فيه وذكر بالموت في أثنائه وهذا كقولك خرج زيد وعمرو وكل راكب والكل يستعمل في الإثنين كما يستعمل في الجماعة ولما قال ما تعرف العين فرق بينهما علم أنه يشير بالكل إليهما لا إلى جماعة غيرهما
يا طفلة الكف عبلة الساعدْ ... على البعير المقلدِ الواخدْ
يخاطب الحبيبة والطفلة الناعمة الرخصة والعبلة الساعد الممتلئة وأراد بالمقلد أن بعيرها زين بالقلائد من العهون والواخد المسرع وروى ابن جنى غيلة الساعد الممتلئة الساعد
زيدي أذى مهجتي أزدك هوى ... فأجهل الناس عاشقٌ حاقدْ
يقول لها أذاك مستحلى لأن المحبوب يستحلي منه كل شيء ولهذا قال أزدك هوى أي أنك متى زدتني أذى زدتك هوًى لن العاشق لا يحقد على محبوبه فإن حقد عليه شيئا كان ذلك منه جهلا
حكيت يا ليل فرعها الواردْ ... فاحك نواها لجفني الساهدْ
الوارد من الشعر الويل المسترل يقول لليل أشهبت شعرها في السواد فأشبه بعدها عني أي أبعد عني بُعدها
طال بكائي على تذكرها ... وطلت حتى كلاكما واحدْ
يقول طال البكاء لأجلها وطلت أيها الليل حتى كلاكما واحد في الطول وروى ابن جنى تذكره
ما بال هذي النجوم حائرةً ... كأنها العميُ ما لها قائدْ
يقول لم وقفت النجوم فلا تسري لتغيب كأنها عميان ليس لهم من يقودهم ويريد بها طول الليل وإن النجوم كأنها واقفة وهذا من قول ابن الأحنف والنجم في كبد السماء كأنه، اعمى تحير ما لديه قائدُ،
أو عصبةٌ من ملوكِ ناحيةٍ ... أبو شجاع عليهمِ واجدْ
يريد أن اعداءه من الملوك حيارى رهبةً له وفرقا منه
إن هربوا أدركوا وإن وقفوا ... خشوا ذهاب الطريف والتالدْ
ذكر في هذا البيت سبب تحيرهم وهو أنهم لا يجدون منه ملجأ لا بالهروب ولا بالإقامة
فهم يرجون عفو مقتدرٍ ... مباركِ الوجهِ جائدٍ ماجدْ
أبلج لو عاذت الحمام به ... ما خشيت راميا ولا صائدْ
أو رعت الوحش وهي تذكره ... ما راعها حابل ولا طاردْ
الحابل صاحب الحبالة يريد أن من لاذ به واستأمن إليه أمن حتى الطير والوحوش لو لاذت إليه واستأمنت بذكره امنت
اسم الکتاب : شرح ديوان المتنبي المؤلف : الواحدي الجزء : 1 صفحة : 391